مقر بطركية. ووصفت فى بداية القرن السابع بالبلد الغنى وملتقى الزوار الأجانب وقد اعتاد التجار المكيون زيارتها بانتظام حتى ليقال إن هاشمًا أحد أجداد الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] مات بها فى إحدى زياراته التجارية لها ولذلك شرفت بتسميتها مدينة هاشما. وبجوار مدينة غزة مكان يسمى "بدائن" وأحيانا تادون ويقال إن جيش المسلمين الذى أرسله الخليفة أبو بكر ألحق الهزيمة بحاكم غزة الرومانى فى هذا الموضع، ولكن أصدق الروايات تؤكد أن الذى فتحها إنما هو عمرو بن العاص، ويندر ورود ذكر لمدينة غزة فى أى نصوص دونت فيما بين القرنين الأول والثالث الهجريين (السابع والتاسع الميلاديين) ولكن كل ما نعرفه عنها أنها كانت مرتعا لصراع دار بين القبائل العربية التى استقرت فى سوريا وفلسطين وذلك فى القرن الثانى الهجرى، ومن المعروف أيضا أن الفقيه الإمام الشافعى ولد هناك فى عام (= 150 هـ 767 م) وقد وصف الجغرافيون غزة وهى تحت حكم الفاطميين بأنها مدينة هامة بجامعها الكبير وتمتد حتى تصل إلى تخوم عبر الصحراء ثم تبعد عن البحر مسافة ميل واحد ويحيبابها البساتين الفسيحة والأشجار والكروم.
وكانت أطلالًا وقت أن احتلها الصليبيون الذين شرعوا فى إعادة بنائها عام 544 هـ/ 1149 م ولما تولى بالدوين الثالث حكم القدس منح القلعة الجديدة للداووية (فرسان الهيكل) وقد ساعد هذا المعقل الصليبيين فى الاستيلاء على عسقلان فى عام 548 هـ/ 1153 م، وبعد عدة سنوات أعنى عام 565 هـ (= 1170 م) هاجم صلاح الدين المدينة لكنه لم يفلح فى الاستيلاء على القلعة فاستولى على المدن الصغيرة المتناثرة حولها, ولكن كبير فرسان الداووية سلمها له أخيرا بعد سقوط بيت المقدس فى يد صلاح إلا أن ريتشارد قلب الأسد استعادها مرة أخرى وظلت المدينة موضع أخذ ورد أثناء المفاوضات التى جرت بين الصليبيين والمسلمين وأعيدت للمسلمين بمقتضى معاهدة عام 626 هـ/ 1229 م.