زادت السيادة الاسمية للخلفاء، على كثير من الأراضى الكثيرة التى كانت مستقلة حتى ذلك الحين. وقد أحدث عهد السلاجقة، الذى أعقب تصدع السلطنة الكبيرة تغييرين على جانب كبير من الأهمية. أحدهما تنظيم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التى حدثت فى الفترة السابقة، وبلورة نظام اجتماعى ومالى جديد ذى سمة شبه إقطاعية؛ أما الآخر فهو الحملة ضد التهديد الشيعى على المستوى السياسى والعسكرى، وعلى المستوى الثقافى عن طريق خلق شبكة من المدارس، حتى تكون مراكز لصياغة المذهب السنى والدفاع عنه فى مواجهة أبواق الشيعة -وقد واجه هذان التغييران رد فعل عنيفًا متمثلًا فى حركة الحشاشين وهى حركة ثورية نشيطة، انبثقت من بين أطلال الدعوة الفاطمية، وشكلت تحديا مريرا لحكم السلاجقة والسنيين. . وقد فشل الحشاشون فى النهاية، ولم تعد الشيعة بعد ذلك عاملا سياسيا كبيرا حتى ظهور الصفويين.
وبعد تصدع السلطنة السلجوقية الكبيرة، سقطت العراق تحت سيطرة أسرة محلية من الأمراء السلاجقة، كان آخرهم طغرل الثانى 573 - 590 هـ/ 1177 - 1194 م. وقد أدى انهيار سلطانه، وعدم وجود أى بديل إلى أن يقوم الخليفة العباسى الناصر بمحاولة أخيرة لاستعادة السلطة المفقودة للخلافة. وكانت اللحظة طيبة ومواتية -فالأسرتان الكبيرتان فى الشرق الأوسط كانتا مشغولتين، فالأيوبيون فى مصر وسوريا انشغلوا بالنضال ضد الصليبيين. وانشغل خوارزم شاه فى الشرق بحروبه مع الأسر التركية الأخرى ثم مع المغول. وفى هذا الفراغ للسلطة، حاول الناصر خلق كيان موسع للخلافة، ومع ذلك فإن تحول نشاطاتهم لمواجهة خطر المغول فى الشرق هو الذى أنقذها من الهلاك على أيدى شاهات خوارزم. وكان خلفاء الناصر ضعفاء، وغير أكفاء، وعندما