للعباسيين، بل إنها -على العكس- أقامت لنفسها خلافة خاصة، متحدية العباسيين فى زعامة العالم الإسلامى بأسره. وقد وجدت السلطة السياسية والعسكرية للفاطميين تأييدا وعونا من عدد كبير جدا من المتعاطفين فى "الممالك" العباسية، وقامت أيضًا سياسة اقتصادية بارعة تستهدف تحويل تجارة الشرق من الخليج الفارسى إلى البحر الأحمر، وفى الوقت نفسه تعمل على تقوية مصر وإضعاف العراق.

ثم انقسمت الإمبراطورية البويهية إلى عدد من الدول الصغيرة، على حين كانت تنمو فى فارس سلطة جديدة هى السلاجقة. . وفى منتصف القرن الحادى عشر انتهت سطوة البويهيين، واستطاع قائد تركى يدعى البساسيرى أن يحتل بغداد، ويلقى الخطبة باسم الخليفة الفاطمى. وكانت هذه الواقعة البسيطة دليلا على مدى ما بلغته سلطة الفاطميين من علو ورفعة. وفى عام 447 هـ/ 1055 م، دخل طغرل بك السلجوقى بغداد وأعلن نفسه سلطانًا. ويبدو أن السلاطين السلاجقة هم أول من استخدم اللقب رسميا، ونقشوه على عملاتهم. والحق أن السلطنة السلجوقية الكبيرة، التى استمرت قرنا من الزمان، كانت التطور المنطقى لمنصب أمير الأمراء، وقد بقى اللقب منذ ذلك الحين لمن يمسك بالسلطة الدنيوية (الزمنية) المطلقة. وقد أدخل السلاجقة الكثير من التغييرات المهمة. . فقد، كانوا تركًا سنيين، وبمقدمهم استقرت قوة الأتراك التى كانت تنمو بشكل متقطع غير متصل منذ عهد المعتصم. . ولم يعد الأتراك فى الشرق الأوسط -منذ ذلك الحين- جنودا أرقاء أو متحررين، يتم استيرادهم من آسيا الوسطى. . وبدأت عشائر بأكملها من الأتراك الأحرار الرعويين تهاجر تجاه الغرب، وتقوم بدور مهم، وتغير الصورة العرقية للشرق الأوسط. . وقد أدى إحلال الحاكم السنى مكان الشيعى إلى تزايد هيبة -لا سلطة- الخلفاء ولذلك توسع نطاق سلطة الحكومة المركزية، ومن ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015