الزراعة للحصول منها على موارد للدولة، الأمر الذى أدى فى النهاية إلى أن يصبح الحكام المحليون "مزارعى ضرائب"؛ وأصبح هؤلاء هم الحكام الحقيقيون للإمبراطورية وخصوصا عندها أمسك بمزارع الضرائب وبالحكم قادة الجيش الذين كان فى مقدورهم فرض الطاعة والولاء. . ومن ثم أصبح الخلفاء، بدءا من عصر المعتصم والواثق، دمى يحركها القادة الذين كانوا قادرين على تعيينهم وخلعهم. . والمعروف أن المعتصم هو الذى استخدم الأتراك من آسيا الوسطى كجنود وقادة. . ومنذ ذلك الحين أصبح الطاقم العسكرى المسيطر من الأتراك. وفى عام 221 هـ/ 836 م قام ببناء مقر جديد له فى سامراء، على بعد ستين ميلا شمالى بغداد. . وظلت سامراء هى "العاصمة" حتى عام 279 هـ/ 892 م عندها عاد المعتمد إلى بغداد. وإن إنشاء هذه المدينة ليوضح الهوة الكبيرة بين الخليفة وحرسه من جهة، وبينه وبين أهل بغداد من جهة أخرى. كما أن معمارها وما استخدم فيها من فنون يظهر طاقما حاكما جديدا ذا أذواق وتقاليد مختلفة. . وقد استمرت سلطة الأتراك فى ازدياد فى عهد الواثق. ولكن خليفته المتوكل قام بمحاولة خطيرة لكسر شوكة الحرس التركى، وحشد التأييد ضدهم من جانب رجال الدين والسكان المدنيين الذين سعى إلى تخفيف تعصبهم بنبذ مبادئ المعتزلة التى كان يتبعها من سبقوه، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل. وأعقبت اغتيال المتوكل فى عام 247 هـ/ 861 م فترة من الفوضى. وفى خلال فترة تصل إلى تسع سنوات تعاقب أربعة من الخلفاء على الخلافة، ولكنهم جميعا كانوا بلا حول ولا قوة أمام الحرس التركى، الذى قويت قبضته على البلاط والعاصمة. على حين أصيبت الأقاليم بحالة من الفوضى، وفى أحسن الأحوال بحالة من الاستقلال الذاتى.

وفى هذه الأثناء قامت فى جنوب العراق ثورة بين العبيد الزنوج عرفت باسم ثورة الزنج. الذين كانوا يستخرجون الملح من "المستنقعات" بجوار البصرة. وقد تطورت هذه الثورة بسرعة لتشكل خطرا كبيرا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015