أملهم فتم القضاء على أبى مسلم وإعدامه بمجرد أن شعر المنصور بقوته وقدرته على أن يستغنى عن وجود غير المريح. وقد أدت هذه الخطوات وأعمال القمع لجناح "الراوندية" الأكثر تماسكا وثباتا إلى إبعاد الأتباع المتطرفين للعباسيين الذين وجد بعضهم المخرج فى القيام بعديد من الثورات الدينية السياسية فى إيران، على حين انضّم آخرون بعد ذلك إلى صفوف الاسماعيلية، وهى الجناح المتطرف للشيعة الفاطمية التى نمت فى القرنين الثانى والثالث الهجريين (الثامن والتاسع من الميلاد)، وقد استطاع المنصور أن يواجه أخطار الثورة والحروب الخارجية، كما استطاع فى عهده الطويل الرائع أن يضع أسس الحكومة العباسية. وقد ساعده فى هذه المهمة -وعلى الأخص فى بلورة بنية وهيكل الإدارة المركزية- أسرة لعبت دورا حيويا فى نصف القرن الأول من الحكم العباسى وهى أسرة البرامكة التى توصف عادة بأنها من الفرس، ولكنها كانت من نوع مختلف تماما من ثوار خراسان الذين تبعوا أبا مسلم. وكانت عقيدتهم قبل تحولهم إلى الإسلام هى البوذية وليست الزرادشتية أو أيا من فروعها. وكانت هذه الأسرة تنتمى إلى طبقة الكهنة الأرستقراطية مالكة الأرض فى مدينة بلخ فى وسط آسيا. وبعد تأسيس بغداد ظهر خالد البرمكى، كساعد أيمن للمنصور، وبعد ذلك صار هو وسلالته الذين يوجهون إدارة الإمبراطورية حتى كان السقوط الدرامى الذى لم يفسر حتى الآن لهذه الأسرة فى عهد هارون الرشيد فى عام 187 هـ/ 803 م. . ومع تحول مركز الإمبراطورية إلى الشرق والقضاء على احتكار الأرستقراطية العربية للمناصب العليا، ورسوخ أقدام البرامكة فى السلطة، أصبح النفوذ الفارسى أقوى. وظهرت النماذج الساسانية الفارسية فى البلاط والحكومة، وبدأ الفرس يلعبون دورا متزايد الأهمية فى كل من الحياة السياسية والثقافية. . وقد استمر هذا "التفريس" فى عصر المهدى والهادى. . واختفى بالتدريج التحيز ضد استخدام الموالى فى المناصب العليا. ولكن الخلفاء -فى محاولة لاعادة