من الشعراء والمغنين والفقهاء والمحدثين وغير ذلك، وأن الأعلام الذين يعيشون فى جيل واحد يعدون طبقة من الطبقات. ثم إن هذه الفكرة قد ضاق مدلولها فى الحديث من بعد وحددت بقدر ما دخلت الفروق الدقيقة لمعنى الكلمة فى هذا العلم، وهى فروق لها شأنها فى نقد الحديث، فأصبح رجال الطبقة الواحدة هم أولئك الذين سمعوا الحديث من طبقة ممن سبقوهم ثم رووها لرجال الطبقة الذين جاءوا بعدهم. مثال ذلك أن ابن الصلاح فى كتابه "علوم الحديث"، (طبعة حلب 1931 م، ص 413) يقول إن "الطبقة" فى المصطلح هى: "القوم المتشابهون" فى السن والإسناد (النووى: التقريب فى J.صلى الله عليه وسلم، السلسلة 9، جـ 18، ص 144؛ السيوطى: التدريب، القاهرة 1308 هـ، ص 267).

وتاريخ معنى الكلمة يحملنا على ترجيح أن كتب الطبقات لم يدفع إلى تأليفها الحاجة التى اقتضت نقد الحديث كما ظن لوث Loth، وكل ما فى الأمر أنها قد استعملت استعمالا خاصًا فى هذا الفرع من فروع المعرفة ولعل الأصل فيها هو اهتمام العرب بالأنساب والتراجم، فقد وجدت قبل "كتاب الطبقات" لابن سعد (المتوفى سنة 203 هـ = 845 م)، أو قل فى زمنه على الأقل، سلسلة من كتب الطبقات لم يصل إلينا معظمها، وهى تتناول القراء والفقهاء والشعراء والمغنين، ذلك أننا نجد، علاوة على كتاب واصل بن عطاء (المتوفى سنة 131 هـ = 748 - 749 م) المستقل بذاته فى ذلك العهد المتقدم والموسوم بعنوان "طبقات أهل العلم الجهل" (ياقوت: إرشاد الأريب، طبعة مركوليوث، جـ 7، ص 225؛ ابن خلكان: الوفيات، القاهرة 1310 هـ، جـ 2، ص 171) كتبًا أخرى هى: إسماعيل بن أبى محمد اليزيدى (حوالى سنة 200 هـ = 815 - 816 م) "طبقات الشعراء" (ابن النديم: الفهرست، ص 51؛ ياقوت، جـ 2، ص 359) الهيثم ابن على (المتوفى سنة 207 هـ = 822 - 832 م) "طبقات الفقهاء والمحدثين" وطبقات من روى عن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، (الفهرست، ص 99؛ ياقوت، جـ 7، ص 265؛ ابن خلكان، جـ 2، ص 204)؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015