وإن كنا نشك فى نسبة هذه الأبيات إلى قائليها.
وقد أدّاهم هذا النظر إلى أمور: منها القول بعصمة الأئمة علىّ ومن بعده؛ فلا يجوز الخطأ عليهم، ولا يصدر منهم إلا ما كان صوابًا، ومنها رفع مقام على عن غيره من الصحابة حتى أبى بكر وعمر؛ ولأقص عليك مثلًا مما يقوله ابن أبى الحديد فى علىّ مع أنه يُعَدّ من معتدلى الشيعة، قال: "يقول أصحابنا -وقد سلكوا طريقة مقتصدة- إن عليّا أفضل الخلق فى الآخرة، وأعلاهم منزلة فى الجنة، وأفضل الخلق فى الدنيا، وأكثرهم خصائص ومزايا ومناقب، وكل مَن عاداه أو حاربه أو أبغضه فإنه عدو اللَّه سبحانه وتعالى وخالد فى النار مع الكفار والمنافقين، إلا أن يكون ممن ثبتت توبته ومات عَلَى تولِّيه وحبه؛ فأما الأفاضل من المهاجرين والأنصار الذين ولوا الإمامة قبله، فلو أنه أنكر إمامتهم وغضب عليهم، فضلًا عن أن يشهر عليهم السيف أو يدعو إلى نفسه، لقلنا إنهم من الهالكين، كما لو غضب عليهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وآله، لأنه قد ثبت أن رسول اللَّه قال له (لعلِىّ): حربك حربى وسلمك سلمى؛ وأنه قال: اللهم وال مَن والاه، وعادِ مَن عاداه؛ وقال له: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق؛ ولكنا رأيناه رضى إمامتهم وبايعهم وصلى خلفهم. . . فلم يكن لنا أن نتعدى فعله ولا نتجاوز ما اشتهر عنه. ألا ترى أنه لما برئ من معاوية برئنا منه؟ ولما لعنه لعنّاه؟ ولما حكم بضلال أهل الشام ومن كان فيهم من بقايا الصحابة كعمرو بن العاص وعبد اللَّه ابنه وغيرهما حكمنا أيضا بضلالهم! والحاصل أنَّا لم نجعل بينه وبين النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، إلا رتبة النبوة، وأعطيناه كل ما عدا ذلك من الفضل المشترك بينه وبينه، ولم نطعن فى أكابر الصحابة الذين لم يصح عندنا أنه طعن فيهم، وعاملناهم بما عاملهم هو عليه السلام" (?).
ودعاهم القول بأفضلية علىّ وعصمته إلى استعراض ما حدث من الصحابة فى بيعة أبى بكر وعمر وعثمان. وكان من هؤلاء الشيعة الغالى