(رأينا إيراد هذا البحث للكاتب أحمد أمين على سبيل التعليق من كتابه فجر الإسلام)
كانت البذرة الأولى للشيعة الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبى صلى اللَّه عليه وسلم أن أهل بيته أولى الناس أن يخلفوه، وأولى أهل البيت العباس عم النبى وعلىّ ابن عمه، وعلىّ أولى من العباس، والعباس نفسه لم ينازع عليا فى أولويته للخلافة، وإن نازعه فى أولويته فى الميراث فى "فَدَك" (?).
وظهرت فكرة الدعوة لعلىّ بسيطة كما يدل عليه التاريخ، وتتلخص فى أن لا نص على الخليفة، فتُرك الأمر لإعمال الرأى، فالأنصار أدَّاهم رأيهم إلى أنهم أولى بها، والمهاجرون كذلك، وأصحاب على إلى أن الخلافة ميراث أدبى، ولو كان النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] يورث فى ماله لكان أولى به قرابته، فكذلك الإرث الأدبى، ولم يرد من طريق صحيح أن عليًا ذكر نصّا من آية أو حديث يفيد أن رسول اللَّه [-صلى اللَّه عليه وسلم-] عينه للخلافة، ولو كان لديه نص وذكره لما بقى الأنصار والمهاجرون على رأيهم ولبايعوه؛ بل ما بين أيدينا من تاريخ يدل على أن عليا بايع أبا بكر، وإن كان بعد تلكؤ، كما بايع عمر وعثمان من بعده، كل ما صح عن علىّ أنه كان يرى أنه كان أولى بالأمر منهم، ويحتج بأنه وأهل بيته الثمرة وقريش الشجرة، والثمرة خير ما فى الشجرة. ويروى البخارى عن ابن عباس أن عليًا رضى اللَّه عنه خرج من عند النبى صلى اللَّه عليه وسلم فى وجعه الذى توفى فيه، فقال الناس: يا أبا الحسن! كيف أصبح رسول اللَّه؟ فقال: أصبح بحمد اللَّه بارئًا، فأخذ بيده العباس رضى اللَّه عنه وقال: أنت واللَّه بعد ثلاث عبذ العصا، وإنى واللَّه لأرى رسول اللَّه [-صلى اللَّه عليه وسلم-] سيتُوَفى من وجعه هذا، إنى لأعرف وجوه بنى عبد المطلب عند الموت، فاذهب بنا إليه نسأله فيمن هذا الأمر، فإن كان فينا علمْناه، وإن كان فى غيرنا كلمناه فأوصى بنا. فقال علىٌّ رضى اللَّه عنه: أما واللَّه لئن سألناه