كان يلقيها ومن ثم حاول أبو يوسف أن يسعى إلى توليته القضاء فى الشام أو فى مصر، غير أن الشيبانى رفض المنصب؛ واستشاره الخليفة هارون الرشيد سنة 176 هـ (792/ 793 م) فى مسألة الإمام يحيى بن عبد اللَّه الزيدى، فأخطأ فى ذلك خطأ أفقده الحظوة عند الخليفة وأصبح الخليفة يشك فى أنه من المتشيعين للعلويين (الطبرى، جـ 3، ص 619؛ كردرى جـ 2، ص 163 وما بعدها)؛ والحق أنه كان من المرجئة كبعض شيوخه (ابن قتيبة: المعارف، ص 301؛ الشهرستانى، طبعة Cureton، ص 108)؛ على أنه ابتعد فيما يظهر عن نشاط الشيعة (الفهرست، ص 204)؛ ولم ينصبه هارون قاضيا على الرقة إلا سنة 180 هـ (796 م) وهو أبكر التواريخ التى يمكن القول بها. ذلك أن هارون جعل الرقة قصبة ملكه فى تلك السنة (الطبرى، جـ 4، ص 645)؛ وأقام الشيبانى فى بغداد بعد عزله (187 هـ = 803 م) حتى أمره الخليفة أن يصحبه فى رحلته إلى خراسان (فى رواية أبى حازم المتوفى 292 هـ التى استشهد بها كردرى، جـ 2، ص 147). وتوفى بها فى السنة نفسها فى رنبويه قرب الرى.

وكان الشيبانى من أهل الرأى المعتدلين، وقد سعى إلى الاعتماد فى دروسه على الحديث ما استطاع إلى ذلك سبيلا؛ وكان يعد أيضا من علماء النحو المقتدرين؛ ويذكر من تلاميذه الإمام الشافعى، على أن الشافعى كتب ردا يجادله فيه عنوانه "كتاب الرد على محمد بن الحسن" فى كتاب "الأم" (القاهرة 1325, جـ 7، ص 277 وما بعدها)؛ ويرجع الفضل فى انتشار المذهب الحنفى أول ما اشتهر إلى الشيبانى وأبى يوسف. وآثار الشيبانى، التى كتب عليها كثير من الشروح، هى أقدم الآثار التى تيسر لنا الحكم على مذهب أبى حنيفة، وإن كانت تختلف فى كثير من النقاط عن آراء أبى حنيفة؛ ومن أهم آثار الشيبانى "كتاب الأصل فى الفروع" أو المبسوط و"كتاب الجامع الكبير"؛ و"كتاب الجامع الصغير" (طبع بولاق سنة 1302 هـ على هامش كتاب الخراج لأبى يوسف) و"كتاب السير الكبير" (طبع مع تعليق السرخسى فى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015