الثانى النحو والمنطق. ولما كان يخالط أصحاب طرق مختلفة فإنه كان مترددا بين الطريقتين المدنية والشاذلية. وفى سنة 1860 م زار قبر عبد الرحمن الثعالبى قرب مدينة الجزائر وكان هذا الولى شاذليا ولذلك دخل سى ميسوم فى الطريقة الشاذلية، فقد نصحه أحد أتباع هذه الطريقة أن يدخلها وأن يزور شيخها "عدة" فى جبل اللوح بناحية أولاد لكرود، وقد أقام هناك حينا ثم رجع إلى قبيلة غريب. وقد روعى تقصير مراحل الاختبار التى لا بد لسالك الطريق من اجتيازها. وبدلا من أن يبدأ حياته فى الطريق "مُقَدَّما" رفع بعد دخول الطريق بزمان قصير إلى مرتبة شيخ فيها. وحوالى سنة 1865 بنى زاوية فى قبيلة بوغارى، وكان يوزع وقته بين قبيلتى غريب وبوغارى، لكنه عاد فاستقر فى بوغازى وفى سنة 1866 م أصبح بعد وفاة الشيخ عدة، شيخًا للشاذلية فى المنطقة الوسطى من بلاد الجزائر ونازعه ابن الشيخ عدة المشيخة أول الأمر. وقد عرض عليه أن يرأس مدرسة من مدارس الحكومة فى الجزائر لكنه رفض، غير أن هذا العرض هيأ له معرفة الموظفين الأوربيين، وقد نال احترامهم إلى أن توفى عام 1883 م. وحوالى هذا الوقت كان سلطانه قد امتد حتى شمل القسم الأكبر من تل وهران والقسم الغربى من بلاد الجزائر بأسره. أما الأماكن التى كان له فيها خلفاء فهى مستغانم ومسكرة ورليزان وندرومة ووهران وتلمسان، وبعد موته استقل بعض هؤلاء الخلفاء بأمر أنفسهم، وانفصمت عرى الإشراف الموحد على هذه الطريقة الذى كان هو صاحب الفضل فيه.

وتوجد المادة الاحصائية الخاصة بأواخر القرن الماضى فى كتاب ديبون وكوبولانى (ص 454). ويتبين من هذا الإحصاء أن عدد أتباع الطريقة الشاذلية فى مدينتى الجزائر وقسنطينة لم يبلغ خمسة عشر ألفًا. وكان لهم إحدى عشرة زاوية. أما الطرق التى تشعبت من الطريقة الشاذلية فيذكر هذا الكتاب أن عددها ثلاث عشرة طريقة أكثرها عددًا الشاذلية والطيبية والدرقاوية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015