ميلادية، ثم يتردد ذكرهم بلا انقطاع حتى الربع الأول من القرن السادس حين غزا الأحباش (سنة 525 م) جنوب غربى بلاد العرب مرة أخرى؛ وكان قيام سلطان مملكة بنى يكسوم فترة توقف قطعت العهد الأخير من حكم مملكة جنوب بلاد العرب. وقد اتخذ ملوك بنى يكسوم منذ بداية دولتهم عام 300 م لقبا مطولا هو "ملوك سبأ وذى ريدان وحضر موت ويمنات" بدلا من اللقب القديم "ملوك سبأ وذى ريدان".
ونخلص من روايات بطلميوس -وهو إذا استثنينا الإشارات القليلة الشأن التى ذكرها، المصدر اليونانى المكتوب عن سبأ الذى يلى Monumentum adulitanum فى الترتيب الزمنى- إلى أن بنى سبأ (جـ 6، ص 7، سطر 23) عادوا لا يملكون فى خريطته تلك الرقعة الكبيرة من الأرض التى كانت لهم حتى فى الزمن الذى يشير إليه استرابون ويليناس، ذلك أن ملكهم اقتصر فيما يظهر على النصف الشمالى من إقليمهم الأول؛ أما بنو حمير فكانوا يسكنون جزءًا كبيرًا من الساحل الجنوبى، وكذلك ذكر بطلميوس شعوبا أخرى أصغر من بنى حمير كانوا يسكنون إقليم جنوب بلاد العرب، ولاشك فى أن هذا الإقليم كان من أملاك بنى سبأ إلى عهد متقدم يرجع إلى نهاية القرن الثانى الميلادى؛ وقد فسر بعض العلماء منذ عهد قريب كلمات بطلميوس (. . .) تفسيرا مخطئا، فقالوا إنها تدل على أن إقليم اللبان قد آل حكمه بعد بنى سبأ إلى بنى قتبان؛ وقد بنيت افتراضات أخرى على ما قيل من أن القتبانية كانوا بعد مستقرين فى ذلك الإقليم بالرغم من أنه لم يكن ثمة مملكة مستقلة لبنى قتبان هنالك فى ذلك الحين؛ ويستدل من تراكيب بطلميوس اللغوية والواضحة وطريقته فى التعبير أن الأمر على العكس من هذا تمامًا، ذلك أن مع المجرور تعنى "إلى الجنوب من" أو "يقع أسفل"؛ ويفرق بطلميوس جغرافيًا بين إقليم اللبان ومنازل بنى قتبان، بيد أن شبرنجر (ص 264 وما بعدها)، قد اعترضت رأيه المخطئ أيضا الرواية القائلة بأن بنى قتبان "طردوا من هذه الأملاك" فى زمن بطلميوس.