عليه، وكان زيد نفسه يخامره الشك فى نجاح ما دبر، وما إن انقضت أربعة أشهر حتى أراد أن ينسحب تمامًا من تنفيذ خطته، وبلغ القادسية فى طريقه إلى المدينة مسقط رأسه عندما استماله إلى العودة بعض الشيعة وكانوا قد هرعوا وراءه.
وقد بقيت بعض الكتابات والمقتطفات التى نسبت إلى زيد، وهى تتضمن تفاسير لبعض آيات القرآن ومسألتى الإمامة والحج. وتشمل بصفة خاصة مجملا كاملا للفقه؛ ولكنها فى صورتها الحالية تعرض لمسائل فى الدين والشعائر والشريعة والسياسة تناقض بعضها بعضا فى كثير من الأحيان، كما تناقض المبادئ التى قالت بها كتب الزيدية المتأخرة والتى صدق عليها زيد. على أنها تعد شواهد على أنه كان على حظ من العلم. ولا ينبغى لنا أن نحفل كثيرًا بلقب التشريف الذى لقب به زيد، وهو "حليف القرآن" ولا بالرواية الزيدية التى تقول إن أبا حنيفة درس عليه وأيد فتنته بالفتوى والمال، ومع ذلك فإننا نستدل من هذين الشاهدين على الخبرة الفقهية التى دافع بها أبرع دفاع عن قضايا آل الحسين فى مطالبتهم آل الحسن بميراث بيت على.
وذاع صيت زيد فى أغانى المغنين، بل إن هذا الصيت يرد إلى تاريخ مبكر يرجع إلى السيد الحميرى الذى ذكر زيدًا كما ذكرته كتب "المقاتل" القديمة وقد حاولت القصص أن تكفّر عن المعاملة المشينة التى عومل بها جثمانه، فساقت حكايات عن كراماته، على أننا نستطيع أن نقول بصفة عامة إن الأوصاف التى ذكرتها هذه الحكايات كانت معتدلة بعض الشئ تمشيا مع مذهب الزيدية. وكان زيد ما زال فى الحلقة الخامسة من عمره عند وفاته، وكان أميل إلى البدانة شأنه فى ذلك شأن العلويين جميعًا؛ وكانت أمه أمة، وقد تزوج هو نفسه ريطة حفيدة محمد ابن الحنفية فولدت له يحيى الذى اشترك فى الفتنة، واستطاع أن يهرب إلى خراسان حيث كان أنصار زيد يعملون. ولكنه لقى نفس المصير الذى لقيه أبوه عام 125 أو 126 هـ (743 أو 744 م)؛ وقد ادّعى رأس الزنج أنه حفيد يحيى هذا. والحق أن سلالة زيد كانت قد انقرضت قبيل ذلك، ولم يكن