وقد حاول المجريطى المزعوم في مؤلفه كتاب رتبة الحكيم أن يوفق بين كيمياء الرازي وكيمياء جابر. أما مؤلفات الرازى في الميكانيكا فليس بين أيدينا منها إلا ملخص لرسالته في الميزان الطبيعى. وأما مؤلفاته في العلم الطبيعى والرياضيات والفلك
والبصريات التي أحصى أصحاب الفهارس عددًا كبيرًا منها فقد ضاعت.
ويصدق هذا القول أيضًا على آثاره الميتافيزيقية التي لم يصل إلينا منها إلا أجزاء قليلة بقيت في كتب المتأخرين، فعلاوة على متكلمى الشيعة الذين ذكرناهم آنفا، يجب أن نخص بالذكر البيرونى فهو كثيرًا ما يشير إلى الرازي في كتبه المختلفة، كما أنَّه أفرد رسالة كاملة لدراسة حياة الرازي ومؤلفاته.
وهذه هي أهم السمات التي يتميز بها العلم الإلهى عند الرازي. فهو يقول بوجود خمسة مبادئ قديمة هي: الله والنفس والهيولى والزمان والمكان.
ويذهب الرازي إلي أن قدم العالم هو النتيجة المحتومة لفكرة الله، المبدأ الواحد الثابت (وهذا هو طريق المشائين في البرهنة). ولكن الرازي ينكر هذا القدم. ولا يمكن أن يفسر الخلق الزمانى إلا بتعدد الصفات القديمة وتضادها وائتلافها. ويتصور الرازي مبدأ العالم ومعاده في صورة أسطورة ذات صفات من طبيعتها العلم.
أما النفس، وهي المبدأ القديم الثانى، وفيها الحياة ولكنها تخلو من العلم، فيتملكها الشوق إلى الاتحاد بالهيولى، وأن تحدث من ذاتها صورًا تقبل اللذة الجسميه. ولكن الهيولى خادعة، ومن أجل ذلك خلق الله برحمته هذا العالم وما فيه من صور ثابتة حتَّى يتسنى للنفس أن تستمتع به، وخلق الله العقل كذلك، وهو فيض من ذاته الإلهية، ليوقظ النفس النائمة في هيكلها وهي
الانسان، وليعلمه أن هذا المخلوق ليس مكانه الحق ولا مكان سعادته وقراره.
وليس أمام الانسان إلا طريق واحد للتخلص من قيود الهيولى هو دراسة الفلسفة. فإذا تحررت جميع الأنفس، انحل العالم وعادت الهيولى العارية من الصور إلى حالتها الأولى.