ذى النون بمائة سنة، يحدثنا بأنه جمع معلوماته من أهل إخميم عندما زار هذا البلد، وهو يروى عنهم أن أبا الفيض ذا النون المصري الأخميمى الزاهد كان حكيما سلك طريقًا خاصًا، واتخذ في الدين سيرة خاصة، وكان من المعنيين بحل رموز البرابى في إخميم، كثير التطواف بها، وأنه وفق إلى حل كثير من الصور والنقوش المرسومة عليها؛ ثم يذكر المسعودى ترجمة لطائفة من

هذه النقوش التي ادعى ذو النون أنَّه قرأها وحلها (?).

وابن النديم يحدثنا عن ذى النون فيقول إنه كان متصوفًا؛ وله أثر في الصنعة، وكتب مصنفة، ومن كتبه: كتاب الركن الأكبر، وكتاب الثقة في الصنعة (?). ويتحدث القفطى وهو المترجم لحياة العلماء والحكماء والأطباء والفلاسفة عن ذى النون حديثا نتبين منه أن ذا النون كان من طبقة جابر بن حيان في انتحال صناعة الكيمياء، وتقلد علم الباطن، والأشراف على كثير من

علوم الفلسفة، وأنه كان كثير الملازمة لبربا بلدة إخميم، فإنها بيت من بيوت الحكمة القديمة، وفيها التصاوير العجيبة، والمثالات الغريبة، التي تزيد المؤمن إيمانًا والكافر طغيانًا، ويقال إنه فتح عليه علم ما فيها بطريق الولاية، وكانت له كرامات (?). ومن هذا القبيل ما يذكره كل من أبي نعيم الإصبهانى (?) وعبد الرءوف المناوى (?) من أن ذا النون قد روى عن نفسه أنَّه قرأ في بعض برابى مصر بالسريانية كلاما تدبره فإذا فيه: "يقدر المقدرون والقضاء يضحك". وقد حاول الأستاذ نيكلسون (?) أن يعلل ما يقال في هذا الجانب من جوانب حياة ذى النون الروحية من كثرة عكوف هذا الصوفى التيوزوفى على دراسة النقوش المصرية القديمة المكتوبة على المعابد، وحل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015