ولعل الأمر يقتضينا أن نحل في كتاب الأغانى اسم هشام بن عبد الملك محل عبد الملك، كما يجب أن نفعل ذلك في موضع آخر. إذا صح هذا الاحتمال بقى عام 117 هـ الَّذي يتفق تمام الاتفاق مع علاقة ذى الرمة ببلال.
وتجمع المصادر كلها على أنه توفى في عنفوان حياته أي في الأربعين من عمره) وأنه دفن في الصحراء غير بعيد من البصرة.
ولعل قصة دفنه في الصحراء خرافة، ولكن من المحقق أنها تتفق كل الاتفاق وخلق الشاعر. فقد كان ذو الرمة بدويًا قحًا في مظهره وعاداته ومُثُله، وهذه البداوة ظاهرة في أسلوب شعره ظهورًا لا يقل عن ذلك، وإنما تنحصر قدرته كما يذهب إلى ذلك النقاد العرب في براعته في التشبيه، ويعده حماد الراوية كامريء القيس في هذا المضمار، وقد كان بارعًا بنوع خاص في وصف "الرمال والرمضاء والبادية والصحراء وقمل الناقة والحيات" (ابن قتيبة) وتُصور أوصافه للطبيعة دائمًا بأنها أخاذة. ويقول أبو عمرو إن ذا الرمة كان آخر الشعراء (أصحاب القصائد) كما أن رؤبة كان آخر أصحاب الأراجيز، ولكنه قصر في نظم المديح الجيد والهجاء اللاذع، وأضر ذلك به من ناحيتين، فإن أدباء العرب انكروا عليه الفحولة بل انكروا أن يكون شاعرًا مفلقًا بوجه عام (حكم الأصمعى) كما أنه قضى حياته فقيرًا - ولعل ذلك كان أسوا بالنسبة له - وإن كان محتالًا سيئ السمعة. وكان يخالط أهل المدر، ويذهب إلى الكوفة والبصرة ليأخذ بنصيبه في ولائم العرس، (الأغانى).
ويجب أن نضيف استكمالا لوصف أخلاقه أنَّه سطا على شعر من سبقوه بل من عاصروه اشنع سطو. وشكا رؤبة بنوع خاص من انتهابه لشعره، ويقال إنه اغتصب قصائد برمتها نظمها إخوته، إلا أن من الانصاف له أن نشير إلى أن الفرزدق سرق من ذى الرمة
أبياتا بعينها "وكانت أجدر به" ولعل العرب كانوا وقتذاك أكثر تسامحا في نسبة الآثار الأدبية لأصحابها مما هم عليه الآن.
وخلاصة القول إن ذا الرمة كان أدنى إلى الناظم والمصنف منه إلى