ولا صلح ما دامت منابر أرضنا ... يقوم عليها من ثقيف خطيب

(الجاحظ، جـ 3، ص 135) وورث الخطيب الإسلامي عن الخطيب الجاهلي العصا أو القناة يمسكها بيمينه وهو يخطب، مما أثار استهزاء الفرس (الجاحظ، جـ 3، ص 135) إلا أن العلاقة الوثيقة بين الخطبة والصلاة أسبغت على الخطيب الإِسلامي مسحة دينية، فلما انتهت فتوح الأجيال الأولى اشتدت غلبة المسحة الدينية. ففي عصر العباسيين، منذ هارون الرشيد، نجد أن الخليفة قد ترك للقضاة أمر الخطبة في الصلاة، واكتفى هو بالإنصات إليها (الجاحظ جـ 1، ص 161) , وإن كان الرأى الشائع من الناحية النظرية أن أئمة المساجد الكبرى إنما يمثلون الخليفة (انظر ابن خلدون: المقدمة، طبعة القاهرة 1322 , ص 173).

وكان الفاطميون في مصر لا يزالون يدعون لأنفسهم أحيانا (من وراء ستر) ثلاث مرات في رمضان والعيدين بخاصة (ابن تغرى بردى، طبعة جوينبل جـ 2، ص 482 - 486؛ طبعة ببر ص 231 وما بعدها؛ المقريزى: الخطط، القاهرة 1334 جـ 3، ص 322, 327, 329) ويقف في هذه المناسبة أكابر رجال دولتهم على درجات المنبر (المصدر السابق، ص 327، 239) على حين نجد أن رئيس الناحية من النواحى يقف عادة على المنبر عند ما يلقى الخطيب خطبته، وهي سنة تشهد بما كان عليه الخطيب في الأصل من علو المنزلة، ولكن المتشددين في الآداب رفضوها بعد ذلك (ابن الحاج: كتاب المدخل القاهرة 1320 , جـ 2، ص 74) وعيّن في كل موضع خطباء مختصون، منهم ثلاثة في القاهرة إبان العصر الفاطمى الأول (انظر المقريزى: الخطط جـ 3، ص 348، س 6 مساجد عمرو وابن طولون والأزهر، ). والظاهر أن من تناط الخطبة به يكون عادة في رتبة القاضى الشريفة (المصدر السابق. ص 224, س 8 من أعلى الصحيفة) ويلقى خطيب خاص في عيد الغدير الخطبة على منبر ذي تسع درجات في المشهد الحسينى بالقاهرة؛ والإمامة في الصلاة لقاضى القضاة، ويعطى الخطيب في هذه المناسبة حلة حرير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015