ابن عبد الله بن عمرو بن الأهتم (ومن ثم كان يكنى أحيانا بابن الأهتم) التميمى المنقرى أبو سفيان، وموطنه البصرة (توفي سنة 135 هـ الموافق 752 م)، وهو صاحب عمر بن عبد العزيز، وهشام بن عبد الملك، وخالد ابن عبد الله القسرى ومن الراجح أنه كان أيضا صاحب أبي العباس السفاح: راو للروايات التاريخية والشعر والخطب المشهورة، ولكنه اشتهر خاصة بالفصاحة، ذلك أنه كان يقوم بشأن مواز لشأن الشعراء، وذلك أنه كان قادرا على ارتجال الموعظة أو الوصف بالاعتماد الكثير على الشعر المنثور، كما أن أقواله كانت تنتشر انتشار الأبيات المشهورة مع فارق هو أنه لم يجرؤ أحد على أن ينحل له كلمة واحدة (الجاحظ: البيان، جـ 1، ص 317، 318).
ثم إنه إلى ذلك ينتمى إلى أسرة بنى منقار التي أنجبت عددا كبيرًا من مشاهير الخطباء. (عددهم كتاب البيان والتبيين، جـ 1، ص 355) ونخص بالذكر منهم شبيب بن شيبة، الذي يتردد ذكره كثيرا تردد ذكر خالد. وبلغ من شهرة خالد أن أفردت له رسالتان، إحداهما كتبها المدائنى (الفهرست، طبعة القاهرة ص 151: كتاب خالد بن صفوان) والأخرى كتبها عبد العزيز بن يحيى الجلودى (الفهرست، ص 168: كتاب أخبار خالد بن صفوان). صحيح أن خالدًا زعم أنه ما انفرد بخليفة إلا وذكره بالله، على أنه كان أحيانا يبذل نصائح من طراز آخر، وخاصة للسفاح، فيدافع في حضرته دفاعا فصيحا عن موطنه، ومن ثم أثار خالد معارضة أم سلمة مما اضطره إلى التراجع (المسعودي: مروج الذهب، الفقرات 2327 - 2330؛ محمد بن هلال الصابيء: الهفوات النادرة، تحقيق ص. الأشتر، دمشق سنة 1387 هـ الموافقة 1967 م، ص 101 - 104، ابن الجوزى: كتاب الأذكياء، بيروت من غير تاريخ، ص 116 - 118). وكانت فصاحة خالد تقوم على التلاعب بالألفاظ، وتتابعها والإجابات الذكية، وكانت بعض أمثاله تتسم بالصدق عامة. ولم يكن خالد يتميز بالصفات المحمودة فحسب، فقد كان عليه