عظيمة الشهرة. ومن ناحية أخرى، كانت مدينة حرّان من عهد قديم جدًا مركزًا لنشاط المذهب الحنبلى. أما أشهر شيوخ المدرسة فكان مجد الدين بن تيمية المتوفى سنة 652 هـ (1254 - 1255 م) الذى ندين له بمصنفيه "المنتقى" (القاهرة سنة 1932) و"المحرر" (القاهرة سنة 1950).
4 - المذهب الحنبلى فى ظل المماليك والعثمانيين:
ظل المذهب الحنبلى على نشاطه الواسع بالشام وفلسطين فى ظل المماليك البحرية. وفى هذا العصر كان أحمد بن تيمية المتوفى سنة 728 هـ (1328 م) هو أشهر من يمثل المذهب؛ وكانت أسرته قد احتمت بدمشق سنة 666 هـ (1267 - 1268 م) تهيبًا من الغزو التترى الوشيك. وقد تلقى ابن تيمية تعليمه بدمشق ولم يشغف بالتراث الحنبلى فحسب بل بكل المذاهب الإِسلامية أيضًا يستوى فى ذلك شغفه وإقباله على الفقه وعلم الكلام والفلسفة. ولما كان ابن تيمية منهمكًا ومشاركًا عن قرب فى الحياة الدينية والسياسية فى عصره، فإنه سرعان ما وجد نفسه، بسبب حماسته فى الجدل، مصطدمًا بكثير من خصومه مما عرضه لمحن كثيرة. ولما حمل إلى القاهرة سنة 705 هـ (1305 - 1306 م) سجن مرة حوالى ثمانية عشر شهرًا حتى سنة 707 هـ (25 سبتمبر 1307 م). وبعد أن نفى إلى الإسكندرية سبعة أشهر أطلق سراحه الملك الناصر وأعاده إلى القاهرة بعد سقوط بيبرس الجاشنكير. وعاد إلى دمشق سنة 712 هـ (1313 م). وسجن مرة أخرى سنة 720 هـ (1320 م) بالقلعة قرابة خمسة شهور لاعتناقه رأيًا فى مسألة الطلاق عُدَّ من الزندقة. ثم سجن من جديد سنة 726 هـ (1326 م) لآرائه فى زيارة القبور حيث أنكر زيارة القبور وعدها بدعة. وكانت وفاته فى السجن بقلعة دمشق فى العشرين من ذى القعدة سنة 728 هـ (26 سبتمبر سنة 1328 م). وسواء نظرنا إلى مصنفات أحمد بن تيمية فى المذهب أو إلى دروسه التى ألقاها أو إلى نشاطه الشخصى، فإنه فى كل هذه المجالات ترك بصمة