الموازنة الدقيقة بين المصالح الطائفية، أما الحكومة فى مصر والعراق وسوريا بل الأردن فإنها تقوم على المركزية الشديدة ويسيطر عليها الجيش سيطرة مطلقة. وفى حين نلاحظ فى لبنان أن الشعب يفضل قيام حكومة صغيرة بقدر الإمكان، وهذا لا يصدق على سائر بلاد الهلال الخصيب ومصر، ففى هذه البلاد، تعد الحكومة على تفاوت فى المقدار، جهازًا للتغيير والتنمية لا بد أن يوفر للناس الخدمات الاجتماعية والفوائد الاقتصادية. وأكثر من هذا، فإن الحكومة فى مصر والعراق تجنح إلى التحكم الفردى المتسلط. وعلى هذا، لا تعكس الأحكام الدستورية فى هذه البلاد بدقة أسلوب الحكومة والإدارة. ويبدو أن السلطة التنفيذية تهيمن على المجالس التشريعية أينما وجدت وأينما حلت. وحدث أخيرًا فى المجالس التشريعية وخاصة فى مصر، أن نما الوعى إلى التمثيل المشترك أو المهنى. وعلى هذا، فليست هناك أى صلة بين حياة الوزارة أو الحكومة (وخاصة اليوم تحت النظام الرئاسى) وبين حياة هيئات التشريع فى تلك البلاد. وبعبارة أخرى، قلما تلتزم السلطة التنفيذية بحدود الجهاز التشريعى المنتخب ما دامت هذه السلطة تحظى بتأييد الجيش.
ولم تستطع الحكومة فى سوريا أو العراق، وإلى حد طفيف فحسب فى لبنان، تفويض الولاء للطائفة والقبيلة والأبرشية تفويضًا تامًا. ولعلنا إذا استثنينا لبنان، استطعنا أن نقول إن الحكومات فى هذه البلاد استمرت تعتمد على القسر والإجبار أكثر من اعتمادها على الإقناع فيما تؤديه من مهام. وإنا لندخل فى هذه البلاد الأردن وإن كان السبب فيها مختلفًا ألا وهو القضية الفلسطينية.
وربما يتمثل الدور الرئيسى الذى تلعبه الحكومة بالقوة فى هذه البلاد أيضًا فى حكم الجيش للدولة، فإن لم يكن ذلك هو الشأن، كان هو السبب فى اختلاط العناصر العسكرية والمدنية فى حكمها.
ونظرًا للتركيب الاجتماعى، والتباين الدينى والعرقى، فإن المهمة الرئيسية