أن يرميه به بمسلكه"، زد على ذلك أنه أراد أن يظهر أن فعل المنافقين مشين وأن يعلم الناس وجوب التمرد على حكم الفاسقين. وصفوة القول أنه أراد أن يكون "أسوة" للجماعة الإسلامية (أنظر على سبيل المثال محسن الأمين، ص 136، 152). أما الفكرة التى تقول إن غرضه كان هو أن يفتدى بدمه الناس من آثامهم فيكون بذلك خلاصهم، وأن عمله كان تضحية فداء يخلص به العالم، فإنها بهذه العبارة غريبة على معتقدات الشيعة، وكاتب هذه المادة على الأقل لم يجد أى أثر لها فى المراجع التى رجع إليها. ويمكن أن تكون قد تسللت فى زمن متأخر إلى "التعزيات" والقصائد الحديثة، ذلك أن الانتقال من "التوسل" إلى هذه الفكرة أمر يسير، وربما ساعد على الفكرة التأثر بآراء المسيحيين.

ومن بين الدارسين للإسلام من أهل الغرب نجد أن فلهاوزن Welhausen ولامنس Lammens هما اللذان حكما على شخصية الحسين بعد دراسة مستأنية للمراجع التى توفرت لهما. وقد اهتدى فلهاوزن بحسه الدقيق بالحقائق التاريخية، فرسم صورة جيدة للموقف وللشخصيات. ولكن لم يعلق واحد من هذين الدارسين أية أهمية على الأحاديث والعبارات التى يقال إن الحسين أدلى بها فى مناسبات مختلفة، ويريان أنها وضعت فى زمن متأخر. صحيح أن الراجح أن الرواة قد أعادوا صياغة هذه الروايات أو عدَّلوها، إلا أنه يجب علينا أن نسلم بأننا نخرج منها فى مجموعها ومن الحقائق نفسها، وهى أهم، بصورة رجل يسيطر عليه مثل أعلى (استحداث حكم يحقق مقتضيات الإسلام الصحيح) ويؤمن بأنه على حق، وقد صمم تصميما جازما على أن يبلغ أغراضه، وهو ما نشهده بصفة عامة فى الغيورين على دينهم إلى حد التعصب، ويعجب به ويشجعه أنصار أيضا يرون أن قضيتهم هى قضية الحق. وهذه الصورة هى التى اتخذها الجيل التالى مدفوعا بدوافع عاطفية (التوقير والأسى على مقتله) أو سياسية (الحملة على الأمويين) ويشاركه فى هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015