هو رأى الشيعة الاثنى عشرية، والإسماعيلية والزيدية وغيرهم من الفرق، وهم كسائر الأئمة الوسيلة بين الله وبين أولئك الذين يدعونه، وبتوسله ينال أتباعه المؤمنون الهداية وتكتب لهم النجاة. وبوصفه واحدًا من الخمسة المباركين يحظى مثل أخيه الحسن بنعمة الله وللحسين "حرمة" لأنه حفيد النبى [- صلى الله عليه وسلم -]، ثم إنه رزق صفات شخصية أرفعها صفة التقوى، وآية ذلك حجه 25 حجة على قدميه من المدينة إلى مكة وأداؤه 1000 ركعة فى اليوم (وفى هذا العدد الذى يعد كبيرًا، انظر محسن الأمين، ص 124). ومن أجل هذا الاستغراق فى التقوى، فإن الحسين لم يجد من الفراغ إلا القليل ينفقه على أزواجه، ومن ثم قل نسله. ومن الصفات الأخرى التى اتصف بها: كرمه (وثمة قصص كثيرة تؤيد ذلك) وحلمه، وتواضعه وفصاحته (ذكرت للتدليل على ذلك أحاديث وأشعار نظمها) ونذكر آخر الأمر الصفات التى يمكن أن نستقيها من أفعاله، مثل احتقاره الموت، وإبائه لحياة الذل وأنفته وما إلى ذلك (أنظر محسن الأمين، ص 125 - 139، 152، 156) ولكن الأساس فى تعظيم الشيعة للحسين هو الدوافع النبيلة التى جعلته يضحى بنفسه فى سبيلها، والحوافز المثيرة للمشاعر التى حملته على أن يتخذ من مغامرته هاديًا للناس ونبراسا يقتدون به. والاعتقاد بأن الأئمة يعلمون كل ما كان وكل ما هو كائن، وكل ما سيكون وأن علمهم لا يزيد مع الزمن، يستفاد منه أن الحسين كان يعلم مقدما المصير الذى ينتظره وينتظر أصحابه. ومن ثم خرج من مكة إلى الكوفة وهو مدرك للتضحية التى سيلاقيها وشيكا، ولم يتردد أيما تردد فى الرضوخ لإرادة الله أو الهرب منها. وثمة رواية تقول إن الله دعاه إلى الاختيار بين التضحية والنصر (أعانه على ذلك ملك) وهذه الرواية تزيد من قيمة مغامرته إذ تجعلها عملا إراديا فترفع بذلك من قدرها ارتفاعا عظيما. وتثار مسألة حول غرضه هذا من التضحية بنفسه، والمتون الشيعية واضحة كل الوضوح: لقد بذل الحسين نفسه وأملاكه قربانا لله "ليحى دين جده محمد" و"يفتديه" و"النجاة به من الدمار الذى أراد يزيد