وكان بعضهم يعودون على الأقدام، وبعضهم يركبون الحمير بل كان منهم من يركب البعير (انظر على سبيل المثال: البدائع، جـ 2، ص 112, س 6 - 8؛ جـ 3، ص 12، س 5 - 6، ص 34، س 12 - 16؛ جـ 5، ص 72، س 6 - 8، ص 128، س 8 - 11).
المعارك داخل المجتمع العسكرى المملوكى: كان المماليك يقاتلون أعداءهم الخارجين فى حماسة وتصميم كبير، حتى العقود الأولى من حكم المماليك الجراكسة على الأقل، فى حين كانت معاركهم الداخلية فى معظم الأحوال لا تتسم إلا بالتصميم اليسير والضراوة القليلة وعلى نحو يجنح إلى التراخى وعدم التحمس. وكان عدد خسائرهم فى الغالب قليلا جدًا. وكان القول "قتال هيّن" شائعًا جدًا فى هذا النوع من الحرب. وقد كان من المستحيل أو يكاد التنبؤ بنتائج هذه المعارك، ذلك أن المعسكرين المتنابذين كانا دائمًا فى حالة متأرجحة، ينضم المماليك إلى معسكر منهما تارة وينحازون إلى المعسكر الآخر تارة أخرى. فإذا رجحت كفة جانب على نحو حاسم فإن معظم المماليك الذين كانوا فى الجانب الخاسر ينضمون بحملتهم إلى الجانب الرابح (انظر مثلا: النهج السديد، جـ 14، ص 579، س 5 - ص 580، س 3؛ المنهل الصافى، جـ 4، ورقة 216 أ، س 18 - 26؛ النجوم الزاهرة، جـ 6، ص 35 - 36). وفى المعارك التى نشبت بين برقوق ومنافسيه، وهى المعارك التى كانت أشرس بكثير من المناوشات المملوكية المألوفة، وفى المعارك التى نشبت بعد ذلك وخاضها هؤلاء المتنافسون بينهم وبين أنفسهم، نجد أن المماليك كانوا يهرعون فى فيض لا ينقطع منضمين من معسكر إلى آخر. وبحكم هذا الفيض وما جرى عليه مقاتلو الجانبين من ارتداء زى واحد على تفاوت فى ذلك، اضطر مؤيدو المنافس من المتنافسين أن يحملوا فى بعض الأحيان شارات خاصة تميزهم (انظر على سبيل المثال: ابن الفرات، جـ 7، ص 170، س 22 - 23). وإنما امتازت المعارك بين السلطان فرج وجراكسته دون سواها