وإلى هذا الشاعر ترجع الرواية التى تنبئنا بحضور أبى تمام لأول مرة اجتماع الشعراء فى القبة المعروفة بهم من جامع بغداد (تاريخ بغداد، حـ 8، ص 249 نقلا عن المعافى بن زكريا؛ ديوان على بن الجهم، المقدمة, ص 6 - 7).
وبعد موت أبى تمام بزمن طويل كتبت المقالات فى مدحه والقدح فيه؛ ونوقشت فى هذه المقالات سرقاته الأدبية أيضًا؛ من ذلك أن أبا العباس أحمد بن عبيد الله القُطْرَبُلّى عابه (كتاب الموازنة، ص 56)، ومدحه أبو بكر محمد الصولى الذي، يعد كتابه أخبار أبى تمام بلا شك أقدم المصادر عن حياته وأكثرها تفصيلا. ويجب أن نضيف إلى المدافعين عنه: المرزوقى المتوفى سنة 421 هـ الذى صنف "كتاب الانتصار من ظلمة أبى تمام" (انظر Oriens سنة 1949, ص 268)؛ والقاضى أبا الحسن على الجرجانى فى كتابه "الوساطة بين المتنبى وخصومه" (صيداء سنة 1331, ص 58 وما بعدها)؛ والآمدى المتوفى سنة 381 هـ فى كتابه "الموازنة بين الطائيين أبى تمام والبحترى" (إستانبول سنة 1287 هـ؛ الترجمة التركية بقلم محمد ولد، إستانبول سنة 1311 هـ) يزن محاسنه ومعايبه؛ أما المرزبانى المتوفى سنة 384 فإنه يجنح إلى إبراز معايبه فى كتابه "الموشح" (القاهرة سنة 1343 هـ, ص 303, 329)؛ ويدفع الشريف المرتضى فى كتابه "الشهاب فى الشيب والشباب" (إستانبول سنة 1303 هـ) المآخذ التى أخذها عليه الآمدى. ويستطيع القارئ الحديث أن يتتبع نقد القدماء.
وفى قصائد أبى تمام ترد الأخيلة البارعة التى قررت شهرته جنبًا إلى جنب مع كثير مما لا ترتاح له النفس؛ وله ولع بالألفاظ الغريبة بل وبالتراكيب المفتعلة، المضنية فى كثير من الأحيان التى عانى فى شرحها الراسخون فى العربية. وترهق قارئه تجسيدات غير موفقة لأفكار مجردة واستعارات متكلفة متصيدة غير مقنعة تتوالى عليه كثيرا فى عدة أبيات متصلة حتى يقع على صورة شعرية بارعة. أضف إلى