وقد أثرت الروايات الفارسية أثرًا عميقًا على العرب في تصانيفهم البحرية والملاحية أيضًا، كما يتبين من استخدام كلمات أصلها فارسى في المفردات البحرية عند العرب مثل بندر بمعنى ثغر، وناخُدا بمعنى ربان سفينة، ورهمانى بمعنى كتاب في الإرشادات البحرية، ودفتر بمعنى الإرشادات البحرية .. وغير ذلك. وتدل بعض الكلمات الفارسية أيضًا، مثل "خَنّ" بمعنى اتجاه من اتجاهات البوصلة و"قطب جاه" بمعنى قطب وغيرهما, على المؤثرات الفارسية في أشكال الظواهر الجوية عند العرب. والمؤثرات الفارسية ظاهرة كذلك في رسم الخرائط عند العرب، ونجد الدليل على ذلك في استعمال مصطلحات فارسية الأصل مثل: طيلسان، وشابورة، وقُوارة ... إلخ في وصف بعض تكوينات السواحل. وهذه المصطلحات التي تدل في الأصل على بعض الملابس، ظلت تستعمل حتى القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادي). أما بالنسبة للخريطة الهندية التي في القَواذيان (ابن حوقل، طبعة كرامرز، ص 2) فإن كرامرز قد بيّن أن القواذيان لاشك أنها تتضمن هْى هذا المقام إشارة إلى خرائط أكثر بدائية من السلاسل الموجودة في البلخى والإصطخرى، ذلك أن خرائط ابن حوقل تتفق في بعضها مع هذه السلاسل وتخالفها في بعضها الآخر (Kramers: كتابه المذكور, ص 155). والتحقق الصحيح من هذه الخرائط أو اكتشافها سوف يساعد بلاشك على حل مشكلة الأصل في خرائط مدرسة البلخى. ويمكننا أن نبين هنا أننا إذا قرأنا نص ابن حوقل على هذا النحو "الخريطة الهندسية في القواذيان" (وهي بلدة قرب ترمذ في آسية الوسطى"، فإنه يكون من ثم يشير بلاشك إلى خريطة من الخرائط كانت هناك وكان يستخدمها الجغرافيون أساسًا لرسم الخرائط، ومن المحتمل كثيرًا أنها كانت تقوم على أساس المنهج الفارسى في التقسيم إلى كشورات، ذلك أن البيرونى يلاحظ أن المصطلح "كشور" مشتق من "الخطّ"، وهذا يدل حقا على أن هذه الأقسام كانت متمايزة بعضها عن البعض شأنها شأن أي شيء في خطوط (صفة الأرض، طبعة طوغان، ص 61).