ما من شيء يمكننا من أن نقدر نسبة العناصر العربية الأصل بين الأقوام الذين يتحدثون بالعربية. فأغلب الظن أن هذه الأقوام تتألف إلى حد كبير من بربر استعربوا. وما من مقياس لغوى يمكننا من أن نقرر الأصل السلالى للجماعات المختلفة. وما من دلالة لهجية، فيما نعلم، تجعل في استطاعتنا أن نتحقق من الجماعات البربرية التي اصطنعت العربية مثل إلا الحاصة والهُوارَة، والسنجاس، والعجيسة، واللواتة أو الكتامة وغيرهم.
وفيما يختص باللهجات العربية التي جاءت بها الغزوات التي وقعت فيما بين القرنين الخامس والسادس الهجريين (الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين) فإننا نرى بصفة عامة أن أرض سُلَيم كانت بلا جدال إلى الشرق، وأن أرض معقل كانت أدخل من ذلك غربا. ولا يمكن تحديد أرض هلال تحديدا دقيقا، ولكنها كانت بلا شك في موقع وسط، والأرجح أنها كانت تتحيف الأراضي التي إلى الشرق والغرب، والتغيرات اللهجية في اللغة التي كانوا يتحدثون بها أو اللغة التي نشروها قد عرفت بأنها "لهجات بدوية".
(1) لهجات ما قبل الغزوة الهلالية: وتدخل في هذه الفئة لهجات القرى (أو الجبل) واللهجات الحضرية (يهودية وإسلامية).
(1) لهجات القرى: وتمثل هذه اللهجات مجموعتان تحققنا منهما تحققا واضحًا، ولكنهما لم تكونا موضوع دراسة متكافئة، ونعنى بهما لهجات وهران، ولهجات قسنطينة. وتضم لهجات وهران كتلة ترارة الجبلية التي تمتد من وادي مُغْنية حتى البحر، ويحدها على وجه التقريب مجرى نهر تافنة إلى الشرق. وندرومة هي المركز الحضرى لها. وينتمى هذا الإقليم إلى الألحاصة والكومية، وتقطعه طرق تصل للمسان بثغرى حنين وأرشقون. والراجح أن استعرابه يرجع إلى عصر الأدارسة. ولهجات فسنطينة تتفق وبلاد القبائل الشرقية، وهي جبلية كلها، لها شكل المثلث، رؤوسه: جيجل وميلة وكلو. ويمثل هذا الأقليم من الناحية التاريخية التوسع البحرى