والحرب بين النور والظلمة وأعوان كل منهما، ثم ما كان من خلق آدم وحواء وسائر العالم (?).

(د) وكان بعد هذا المزدكية أتباع مردك الذي ظهر أيام "قباذ" ملك الفرس والد "أنوشروان" المشهور بالعادل، وكان من أمره أن ادعى النبوة، ونهى عن الخلاف والتباغض والقتال، وأظهر الإباحة حتى في النساء، فكانت عاقبته أن قتله الملك هو وأتباعه (?).

ومع أن المزدكية كانوا يرون ما يراه المانوية من الكونين والأصلين، كما يحكى لنا أبو عيسى الوراق، إلَّا أنهم كانوا يفرقون بين النور والظلمة في صفاتهما وفيما يكون منهما من أفعال. كانوا يذهبون إلى أن النور عالم حساس، والظلام جاهل أعمى، وأن النور يفعل عن قصد واختيار، بينما الظلام يفعل بالصدفة والاتفاق. وأما امتزاج الخير بالشر فقد كان مصادفة واتفاقا. كما يكون الخلاص كذلك أيضًا مصادفة واتفاقًا من غير اختيار (?).

(هـ) أما المرقونية فهي إحدى الفرق التي تنتظمها الثنوية في رأى الرازي (?).

وهي فرقة نصرانية رأت أن تخلط بين الثنوية والمسيحية بالأخذ من هذه وتلك؛ إذ أداها النظر والتفكير إلى أن النور والظلمة - وهما أساس العقيدة عندهم - متنافران متضادان، فكيف اجتمعا وكان من اجتماعهما العالم؟ إنهما إذًا لا يجتمعان إلَّا بجامع يكون وسطًا بينهما، لذلك أضافوا إلى هذين الأصلين أصلًا ثالثًا دعوه "المعدل" وجعلوه سبب المزاج، ووضعوه في منزلة فوق النور وتحت الظلمة. وهذا الكون الثالث المتوسط هو الحياة أو عيسى على رأى فريق منهم، أو أن عيسى كان رسوله على رأى فريق آخر (?).

(و) ثم كان بعد هؤلاء جميعًا الباطنية التي يرى أبو منصور البغدادي أن القائلين بها كانوا أعظم ضررًا على الإسلام من اليهود والنصارى والمجوس وسائر ملل الكفر على اختلافها، وأنهم من الأصناف التي لا يقبل منها إلَّا الإسلام أو السيف (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015