عاش في القرن السابع أو الثامن أو العاشر قبل الميلاد. كان هذا المفكر يرى أن النور والظلمة -أو يزدان وأهْرمَن - هما مبدآ العالم، وأنهما متضَادان وأزليان، وبامتزاجهما حصلت تراكيب العالم وصوره المختلفة، وأن هذين المبدأين - على ما يرى بعض الباحثين - يرجعان في خلقهما وإبداعهما إلى خالق واحد لا ضد له ولاند وهو الإله الأعلى، وأنه أخيرًا كان -أي زرادشت - نبي إله الخير ورسوله (?).

(ب) وجاء بعد زرادشت بزمن طويل ديصان أوابن ديصان - نسبة إلى نهر ولد عليه كما يذكر ابن النديم (?) - وإليه تنسب الفرقة الديصانية. والمذهب الذي تدعو إليه هذه الطائفة ثنوى في أساسه، إلَّا أنها بعد الإجماع على أن النور، أو إله الخير، يفعل الخير بقصده واختياره وأن الظلمة أو إله الشر يفعل الشر عن طبع واضطرار منه (?)، حاولت أن تجد علة لامتزاج مبدأ الخير بمبدأ الشر، فذهب جماعة منها إلى أن النور قصد إصلاح الظلمة فخالطها مختارًا وعز عليه بعد هذا أن يخرج عنها، وذهبت جماعة أخرى إلى أن النور أحس بنتن الظلمة وخشونتها فأراد أن يبعدها عنه فكان الاختلاط والامتزاج الذي لم يكن يقصد إلى شيء منه (?).

(جـ) ثم كانت المانوية التي تنسب إلى "مانى" الذي ظهر بعد ابن ديصان بنحو ثلاثين عامًا. ولد مانى ببابل وتأثر في مذهبه بالمجوسية وبرأى يوحنا المعمدان في المسيحية (?) وبشئ من البرهمية والمانوية ترى في الأصلين اللذين كان منهما العالم، أنهما أزليان وأبديان، وأنهما قوتان وسميعان وبصيران (?) ولها بعد ذلك رأيها في امتزاج الخير بالشر وسببه وفي خلاص النفس وسببه أيضًا، وهذا الرأى الذي تراه ذكره الشهرستانى بتوضيح (?) فإليه يرجع من يشاء. وكذلك أطال ابن النديم في محاولة بيان ما كان من خلق الإنسان القديم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015