كان من المرابطين: فالمثاليث والعَقَاربة والمَهْذَبَة غير بعيد من الشاطئ إلى الجمِ حتى شمالي قابس، والماجرِ والهَمَامَة في الداخل ينزلون الفيافى في السواسى وجلاص والفراشيش، وهم يكونون عددًا مماثلًا من القائديات. وفي التل المرتفع الوَرْتان وأولاد عيّار والقوازين. وينزل الغريب والمرازيق والعذارة وأولاد يعقوب في نفزاوة وصحراء تونس.
جـ- حياة الأهلين الاقتصادية: من الجلى أن حياة البداوة مشرفة على الزوال في القطر التونسى. ولم يعد الأهالى يقبلون على الهجرة أو يهاجرون زرافات (سَمْلسَ) إلَّا في سنى الضيق والبلاء. وجرت القبائل على الإقامة، ولا يظعن منها إلَّا نفر من الرعاة يسوقون قطعانهم. وإنما تنتقل الأنعام دون غيرها فتشتى في الفيافى وتصيف في التل. ويغلب أن يكون ذلك بطريق ممر سبَيبة والكاف. ويجنح المهاجرون إلى الإقامة في سهل قَمودة ردحًا من الزمن: والمثاليث هم وحدهم الذين يرحلون صيفا حتى بنزرت وجلاص والسواسى دمالى جوار باجة: وما زال قوم من البدو يسكنون بطبيعة الحال نفزاوة وصحراء تونس.
وتسير حكومة الحماية في غير تراخ على خطة حث السكان على الاستقرار، فتيسر لهم الحصول على الأراضي وتوجه جهودهم إلى الزراعة.
وكان في تونس من قديم عهد (الخمَاسَة) نظمه "قانون الفلاحة" الذي أصدره خير الدين عام 1291 هـ (انظر المصادر في Takrouna: G.Marais ص 252)، ثم تهيأت الأسباب لتطبيق عهد (المغارسة) عندما أخذت الحكومة تبيع بالنسيئة الأراضي السبخة في دائرة قطرها 50 ميلا تقريبًا حول صفاقس وهنشير شراحيل بالقرب من القيروان وهي أراض صالحة لنمو الزيتون (مرسوما 1892, 1905). ويقضى عهد المغارسة بأن المزارع من الأهالى الذي يتعهد بزرع كل القطعة الممنوحة له زيتونًا يصبح مالكًا لنصفها عندما تبدأ الأشجار في الإثمار. أما تشريع