وأدخل ابن عمه محمد (1855 - 1859 م) "المَجْبَى"، وهي ضريبة رءوس مقدارها ستة وثلاثون قرشًا، أعفيت منها مدن تونس وسوسة والمنستير وصفاقس والقيروان، ولكن أهم حادث في عهده هو إصداره "عهد الأمان" في 9 سبتمبر سنة 1857 الذي حمله عليه القناصل، وقد نقل فيه "خط شريف كولخانه" لعام 1839 وأعلن أن أهل تونس جميعن سواء أمام القانون وفي دفع الضرائب، كما أعلن حرية المعتقد وحرية العمل والتجارة وحق الأجانب في امتلاكُ الأرض والعقار. وأصدر أخوه محمد الصادق (1859 - 1882) دستورًا في السادس والعشرين من أبريل عام 1861 أقره نايليون الثالث: وظلت السلطة التنفيذية بمقتضى هذا الدستور في يد الباى وهو عنها مسؤول، تئول إليه بالوراثة (ينتقل العرش إلى أكبر أمراء البيت الحسينى) ويعاونه في الحكم وزراء يختارهم، وقسمت السلطة التشريعية بين الباى والمجلس الكبير المؤلف من ستين عضوًا معينين. أما السلطة القضائية فكانت مستقلة، وكانت المحاكم تتبع قانونًا تونسيًا جنائيًا ومدنيًا، أما إدارة الأقاليم فكانت في يد "القواد" يعاونهم "شيوخ" منتخبون، وجعلت للباى مخصصات، ولم يعد له حق فرض الضرائب وغيرها. ولكن سرعان ماساء الموقف على الرغم من هذه الإصلاحات، ذلك أن مصطفى باشا خازندار (عين وزيرًا في عهد أحمد باى) انتهج سياسة مالية خرقاء، فقد عاد إلى خطبة الاستدانة وزيادة الضرائب فادى ذلك إلى عصيان القبائل تحت راية علي بن غَداهُم عام 1864 كما أدى إلى تأليف لجنة مالية دولية (من التونسيين والفرنسيين والإيطاليين والمالطيين) عام 1896 وفي يولية من 1864 عطل الدستور، وفي أكتوبر من عام 1837 خلف القائد خير الدين على دست الوزارة الخازندار الذي صرف عن منصبه. فامتاز عهده، وقد امتد إلى يولية من عام 1877. بإصلاحات جليلة ولو أن البلاد لم تصب منها إلا تقدما يسيرًا. بيد أن موارد الدولة المنتظمة كانت قليلة جدًّا وديونها عظيمة جد، حتى أن اللجنة لم توفق إلى شيء، وكانت إدارة مصطفى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015