وقد استمسك الحفصية دائمًا بسنة الموحدين، وكانوا يحبون أن يعرف عنهم أنهم أنصارها المعتمدون على الرغم من رفضهم سلطان عبد المؤمن وعودهم إلى المذهب المالكي. وكان نظامهم في الحكم يشبه نظام الموحدين الأول، إذا استثنينا بعض الفروق الصغيرة، بيد أنه لما نادت مكة بثانى أمرائهم المستقلين، وهو ابن أبي زكرياء، خليفة حول عاف 1250 م، ظلت تحيط به بطانة قوية من الموحدين كانوا دعامة الدولة والجيش، كما بقيت السكة موحدية شكلًا ووزنًا. وكانت دواوين الحكومة تندرج في ثلاثة أقسام كبيرة هي: الجيش، وبيت المال (الأشغال)، والقضاء. وكان عمال الولايات يختارون من قديم- في الأغلب الأعم- من أقارب الخليفة الأدنين. بيد أنه من الخطأ أن ننكر ماكان لكثير من الأندلسيين من شأن في إدارة البلاد وحياتها العقلية، بعد أن أجلوا عن الأندلس عندما استعادها النصارى في القرن الثالث عشر الميلادي.

ولما رغب بنو حفص في نشر ألوية السلام على إفريقية كانت تواجههم دائما مشكلة الأعراب. فقد رد بنو سليم بنى رياح فغلبوا بذلدُ على داخل البلاد، وفرضت أحزابهم المختلفة فيما بينها إتاوات منظمة على نواحى الريف. ومن هؤلاء الكعوب وهم من قبائل المخزن، وكثيرًا ماتدخلوا فيما ثار بين الأمراء من خلاف هدد بلاد تونس، فناصروا من الأمراء من يختارون وأثاروا حفيظة سكان الحضر. وحصلوا في عام 1284 م من أمير يدين بعرشه لهم على كتاب إقطاع يعطيهم خراج عدة مدن، وكان لخصومتهم مع أبناء عمومهم أولاد أبي الليل وأولاد مهلهل أثر سيئ في سلطان الحكومة المركزية إبان القرن الرابع عشر الميلادي.

وكان لهذه الدولة عهود زواهر إلى وفاة الخليفة المستنصر عام 1277 م. ذلك أنهم بسطوا سلطانهم، على الرغم من الثورات التي كانت تنشب بين حين وحين من طرابلس إلى صميم بلاد الجزائر، ومكنوا لأنفسهم في المدن الهامة وهي تونس وقسنطينة وبجاية. وامتد نفوذهم إلى ماوراء شمالي إفريقية فلفت أنظار أسيانيا وأوروبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015