وتوفي سنة 456 هـ- فإن طائفة ذهبت إلى إبطال كون النبوة في النساء جملة، وبدعت من قال ذلك، وذهبت طائفة إلى القول بأنه قد كانت في النساء نبوة، وذهبت طائفة إلى التوقف في ذلك".

وكلام ابن حزم صريح في أنه لا نزاع في عدم حصول رسالة للنساء بدليل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلا رِجَالًا نُوحِي إِلَيهِمْ} ولم يدع أحد أن الله تعالى أرسل امرأة وإنما الكلام في النبوة.

والفرق بين النبوة والرسالة أن النبوة مأخوذة من الإنباء وهو الإعلام، فمن أوحى إليه الله علما بما يكون قبل أن يكون، أو امرًا ما مع يقينه يقينا ضروريا بصحة ما أوحى إليه كعلمه بما أدرك بحواسه وبديهة عقله فهو نبي وذلك يكون بواسطة الملك.

أما الرسول فهو من أوحى إليه بدين يتبعه ويبلغه إلى الناس. وقد جاء القرآن بأن الله عزَّ وجلَّ أرسل ملائكة إلى نساء فأخبروهن بوحى حق من الله تعالى، فبشروا أم إسحاق بإسحاق؛ وقد أرسل جبريل إلى مريم أم عيسى عليهما السلام فخاطبها وقال لها: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} ووجدنا أم موسى عليهما السلام قد أوحى الله إليها بإلقاء ولدها في اليم وأعلمها أنه سيرده إليها ويجعله نبيا مرسلًا. ويدرك كل ذي تمييز صحيح أنها لو لم تكن واثقة بنبوة الله لها لكانت بإلقائها ولدها في اليم برؤيا تراها أو بما يقع في نفسها في غاية الجنون.

وتبين من هذا البحث أن المسلمين لم يتنازعوا في جواز النبوة والولاية للنساء، ولا مانع من ذلك شرعا ولا عقلا، وقد اتفقوا على عدم وقوع الرسالة للنساء، كما اتفقوا على وقوع الولاية لهن واختلفوا في قوع النبوة على الوجه الذي بيناه، وفي هذا دليل على أن مجال الوحى والإلهام يستوى النساء فيه والرجال، فلا عائق يعوق المرأة عن أن تسمو بروحها إلى أقصى غايات السمو المقدورة للبشر، بأن تصل إلى مرتبة العرفان والولاية، وتشهد من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015