وعلم الباطن، وعلم الأحوال والمقامات، وعلم السلوك، وعلم الطريقة, وعلم المكاشفة.
وإذا كان غير منكور أن التصوف في هذا الدور لم يخل من تأثر ببعض ما وصل إلى المسلمين من معارف الأمم القديمة، فإنا لا نزال نجد الصبغة الإسلامية غالبة في هذا العلم الوليد، ولا نستطيع أن نقول مع كولدتسيهر: "وكذلك يجب عند النظر في التصوف نظرًا تاريخيًا تقدير النصيب الهندى الذي ساهم في تكون هذه الطريقة الدينية المتولدة من المذهب الأفلاطونى الجديد".
ثم انصرفت عناية قوم من المتأخرين لكشف حجاب الحس الذي هو نهاية مراتب الصوفية، ولما وراء ذلك من المدارك والمعارف، واختلفت طرقهم في الرياضة والمجاهدة وإماتة القوى الحسية وتغذية الروح العاقل بالعبادات والذكر، وتعرضوا للكلام في حقائق الموجودات العلوية والسفلية على وجه لايفهمه من لم يشاركهم في أذواقهم ومواجدهم. ثم قالوا: إن أهل المجاهدة يدركون كثيرًا من الواقعات قبل وقوعها، ويتصرفون بهممهم وقوى نفوسهم في الموجودات السفلية، وتصير طوع إرادتهم، وظهر في كلام المتصوفة القول بالقطب، ومعناه رأس العارفين، وقد جعلوا لباس خرقة التصوف أصلا لطريقهم ورفعوه إلى عليّ -رضي الله عنه -[في تأثرهم بالتشيع]، ويقول ابن خلدون: "ولم يختص عليّ من بين الصحابة بطريقة في لباس ولا حال".
هنالك حدث تطور جديد في موضوع علم التصوف، فأصبحت كتب القوم تتناول أربعة أبحاث:
1 - المجاهدات وما يحصل عنها من الأذواق والمواجد ومحاسبة النفس على الأعمال لتحصيل تلك الأحوال والترقى منها إلى غيرها.
2 - الكلام في الكشف والحقيقة المدركة من عالم الغيب مثل الصفات الربانية، والعرش والكرسى، والملائكة والروح، وحقائق كل موجود غائب أو شاهد وترتيب الأكوان في صدورها عن موجدها.