أثر بالغ في تطور التصوف. وحار شيوخ الصوفية لهذا العهد بين ضروب ثلاثة في تصير الاتحاد الصوفى تفسيرًا، فلسفيًا:

(1) فالاتحادية -من ابن مَسَرَة وإخوان الصفاء إلى الفارابى وابن قَسى - يقولون إن الاتحاد هو تأليف معان بتأثير العقل الفعال (والعقل الفعال هو الفيض الإلهى؛ والفيض الإلهى هو النور المحمدى عند القرامطة والسالمية) على النفس المنفعلة.

(ب) والإشراقية -من السهروردى الحلبى والجلدَكى إلى الدّوانى وصدر الدين الشيرازى- يقولون بتجوهر النفس وتألق النور الإلهى في إشراقات العقل الفعال.

(ج) والوصولية -من ابن سينا إلى ابن طفيل وابن سبعين- يلتزمون القول بأن النفس تصل إلى موافقة الحق، ومن ثم تشعر بوجود جامع لا تكثُّر فيه ولا تعدد ولا تفرقة بأى وجه من الوجوه.

ولنلاحظ في هذا المقام أن الغزالى (مقاصد الفلاسفة، ص 74) أنكر رأى الاتحادية، وهو رأى أقره ابن سينا في كتاب النجاة (القاهرة، ص 402 - 481) ورفضه في كتاب "الإشارات" (الفصل التاسع، ص 118؛ ابن عربي: التجليات)؛ ولنلاحظ أيضًا أن ابن سبعين، وهو من غلاة القائلين بالمادة الحية Hylemorphiste) لا يرى في الله إلا الصورة أو مبدأ "الأنِّية" في جميع المخلوقات.

وفي القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادي) يبدأ العهد الثالث والأخير في تطور مذهب التصوف، وأبرز مدارس الصوفية لهذا العهد هي المدرسة التي أطلق عليها خصومها اسم "الوحدانية" أو "الوجودية" لأنها تدعو إلى وحدة الوجود، ويزعم أصحاب هذه المدرسة أن لمذهبهم أصلا قديما، فهم يؤولون آيات من القرآن سورة القصص، الآية 88؛ سورة ق، الآية 15 *) بما يعزز مذهبهم، كما يؤولون "كلام" الأشاعرة الأقدمين في أن كل حال روحية إنما هي فعل من أفعال الله الصادرة عنه بلا واسطة، ومبالغات المتصوفة الأول كالبسطامى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015