الأحيان- فريقًا أو طبقة بأسرها من الناس، ففي المقامات الصوفية -على سبيل المثال- وضعت مصنفات كثيرة في سير الأولياء وأخصها المؤلف الكبير لاحلية الأولياء" لأبي نعيم الأصفهانى المتوفى سنة 430 هـ (1038 م)، أما عند الشيعة فلم يقتصر الأمر على الكتب الموضوعة عن فقهاء الشيعة ومصنفاتهم (انظر الطوسى) وإنما وجدت كتب كثيرة أخرى عن الاستشهاد في بيت على. ومما يميز هذه الحقبة معاجم تراجم العلماء ومشاهير الرجال الذين خرجوا من مدينة أو اقليم واحد، والمألوف أن تكون هذه المعاجم كبيرة ضخمة يؤلفها علماء من نفس المدينة أو الإقليم؛ ومن هذا القبيل معجم الخطيب البغدادي المتوفى عام 463 هـ (1071 م) الذي يقع في أربعة عشر مجلدًا. ومعظم هذه المؤلفات لم يبق منه شيء إلا التأريخ الكبير لدمشق الذي وضعه ابن عساكر المتوفى عام 571 هـ (1176 م) وسلسلة من التراجم الأندلسية (انظر ابن الفرضى وابن بشكوال وابن الأبّار) وبعض المعاجم المختصرة. ولعل تاريخ دمشق هو أكمل المؤلفات العربية الجامعة التي من نوعه.
وكانت كتب التراجم تستقى من مراجع أخرى أيضًا. وهذه الكتب غزيرة المادة كما كان متوقعا، وهي تتزود من فقه اللغة بمعناه الضيق ومن فروعه الأخرى التي تجنح إلى الأدب. ومن المصنف الأول ما أنتجه الكتاب عن طبقات النحاة وتراجم أكابر الفقهاء. ومن المصنف الثاني ما ألفه المصنفون من كتب جامعة عن الشعراء ورجال الأدب (انظر ابن قتيبة والثعالبى). وقد أفردت مصنفات من هذا القبيل لأصحاب الحرف الأخرى كالأطباء والفلكيين. وكان فن الموسيقى باعثا على تصنينف أعظم مؤلف عربي في التراجم في القرون الأولى ألا وهو كتاب الأغانى لأبي الفرج الأصفهانى المتوفى سنة 356 هـ (967 م).
ويبدو من جهة أخرى أنه لم يكن هناك إقبال من الكتاب على أن يترجموا لأنفسهم. ولم يبق من آثار ذلك العهد سوى رسالتين للمؤيد في الدين المتوفى سنة 470 هـ (1087 م) وأسامة بن مرشد بن منقذ المتوفى سنة 584 هـ (1118 م).