البوسنة الهرطيقية. ولا شك أن تحول هرسك ستيبان فوكجيش قد ساهم أيضًا في توهين مركز كنيسة البوسنة في الهرسك. وقد اعترفت الحكومة التركية بالكنيسة الصربية الأرثوذكسية، وتمتعت الكنيسة بموجب براءة سلطانية بحقوق وميزات كبيرة. ومنح السلطان محمد الثاني الفاتح الكنيسة الكاثوليكية أيضًا بعض الامتيازات. ويتضح من المعلومات الواردة في سجلات العقارات أن المؤمنين المخلصين لكنيسة البوسنة قد اعتكفوا في نواح نائية منعزلة في الهرسك. وليس ثمة شاهد مسجل عن قيام أي تحول إلى الإسلام في تلك الأنحاء ولا من السكان في ذلك الوقت. والذي يستخلص من ذلك أن هراطقة البوسنة في معظم المناطق كانوا قد ثابوا إلى الحظيرة (أرثوذكس أو كاثوليك) مما يستبعد معه تحول أتباع كنيسة البوسنة تحولا جماعيا إلى الإسلام.

ومع هذا فالراجح أن الاضطهادات السابقة من جانب الكنيسة الكاثوليكية مع الضغط الذي احتجت عليه الكنيسة الأرثوذكسية صاحبة الحق في تحصيل أموال الكنيسة، خلقت ظروفًا عملت على تحويل التابعين السابقين لكنيسة البوسنة إلى الإسلام، ومهما يكن الأمر فإن تطور المدن إلى مراكز للإسلام وتأثيرها على القرى المجاورة قد أدى إلى انتشار الإسلام باطراد بين فلاحى بعض المناطق منذ القرن التاسع الهجرى (الخامس عشر للميلاد)، وهكذا وضع الأساس لاعتناق عدد عظيم من أهل القرى للإسلام. واتخذت في أيام سليمان القانونى التدابير للحد من تزايد سلطان الاقطاعيين التي كانت قد دخلت كلها في الإسلام قبيل ذلك، فألزم سباهية البوسنة بالانتقال إلى الأراضي التي فتحت حديثًا، وانتقلت التيمارات الشاغرة إلى سباهية من نواح أخرى وغير الوضع في الجفتلكات وصارت أراضى رعايا، ولم يكن إلا وقتئذ، ثم بعد ذلك على نطاق واسع، أن استحوذ الكثير من ندماء البلاط على أملاك في البوسنة عن طريق الابتزاز والرشوة. ومع هذا، فلم يكن بد في نفس الوقت من المهادنة نظرًا لضرورات الدفاع وخاصة على الثغور ولوجود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015