من سكانها. ولا شك أن تكرار حدوث الفيضان وما ترتب عليه من دمار إنما يرجع إلى ما أصاب نظام الري من خراب .. ويتحدث المقريزى في حوادث عام 841 هـ (1437 م) فيقول: "إن بغداد تخربت، فلم يبق فيها مسجد ولا زاوية ولا سوق. وجفت معظم المياه من قنواتها حتى يصعب القول بانها مدينة (المقريزى: السلوك، جـ 3، ص 100؛ انظر العزاوى، جـ 3، ص 79 وما بعدها؛ الكرملى، ص 61 وما بعدها). يضاف إلى هذا أن العصبية القبلية سادت وأن أحلاف القبائل بدأت تقوم بدورها في إثارة الفتن في حياة البلاد. وفي عام 914 هـ (1507 - 1508 م) انتقلت بغداد إلى حكم الشاه إسماعيل الصفوى، وبدأت فترة تنازع فيها الفرس والعثمانيون على امتلاك بغداد، وجدت صداها في أغنية بغداد "بين العجم والروم ياويلنا ياويلنا". وهدمت أضرحة الكثيرين من أهل السنة وبخاصة ضريحا أبي حنيفة وعبد القادر الجيلانى، وقتل الكثيرون من كبار أهل السنة بناء على أوامر الشاه إسماعيل. ومهما يكن من شيء فإنه قد شرع في بناء ضريح لموسى الكاظم. وأقام واليا منحه لقب خليفة الخلفاء (العزاوى، حـ 3، ص 336 - 343) وأقبل عدد كبير من التجار العجم إلى بغداد وكانوا سببًا في رواج التجارة. وبعد فترة قصيرة من استيلاء الأمير الكردى ذي الفقار على بغداد، واعلان ولائه للسلطان سليمان القانونى، غلب على المدينة مرة أخرى الشاه طهماسب عام 936 هـ (1530 م)، ودخل السلطان سليمان بغداد عام 941 هـ (1534 م)، وبنى قبة لضريح أبي حنيفة ومسجدًا ومدرسة وأعاد بناء المسجد والتكية وضريح الجيلانى وأمر بإقامة خان للفقراء في كل من المسجدين. وأمر أيضًا بتكملة بناء ضريح ومسجد الكاظمين، الذي كان الشاه إسماعيل قد شرع فيه (سليمان- نامه ص 119، أوليا جلبى، جـ 4، ص 426, الآلوسى: المساجد، ص 117؛ العزاوى، جـ 4، ص 28 وما بعدها). وأمر بمسح الأراضي المملوكة وتسجيلها ونظم إدارة الولاية (أوليا جلبى، جـ 4، ص 41). وعهد بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015