ثم أحس الحكم الثانى ببلوغه الكبر، فصار أكبر همه أن يحفظ الخلافة فى أبناء الأمويين. ولم يكن له سوى ابن واحد لا يزال فتى وهو هشام، فأخذ له من النَّاس البيعة ليتولى الخلافة من بعده، ومات بعد ذلك فى الثالث من صفر سنة 366 (الأول من أكتوبر سنة 986).
وعهد هشام الثانى المؤيد بالله ثالث خلفاء بني أمية فى الأندلس هو عصر قيام دكتاتورية وراثية فى بني عامر. وقبضهم على السلطة المدنية والحربية، بعد زحزحة الخليفة إلى قصره وتجريده من الاضطلاع بمهام السياسة.
والظروف التى نشأ فيها هذا الوضع الجديد بعد وفاة الحكم الثانى معقدة جدًا ولكنها معروفة تمامًا .. وحسب القول بأن ذلك الحاجب المشهور أبقى للخليفة الناشئ استعمال السلطة العليا من الوجهة النظرية ومع ذلك فإنه -مع مطامعه التى لم تكن تقف عند حد- لم يفكر فيما يظهر تفكيرًا جديًا فى خلعه والجلوس مكانه. فكانت كل الأعمال الرسمية تسير باسم هشام الثانى، ويظهر أنه لم يبد أقل ميل إلى مقاومة نفوذ بني عامر فى بلاده، والحقيقة أن ضعف الخلافة الأموية لم يظهر إلا بعوإن ذهب المنصور.
وواصل المنصور سياسة عبد الرحمن الثالث والحكم الثانى باسم هشام الثانى، وطبعها بشخصيتة القوية، وأقام المنصور فى غربى بلاد البربر شبه نظام للحماية بحيث صارت نفقات إفريقية أقل ضغطا على ميزانية الخليفة. وكان المنصور قائدَا مظفرًا، شديد العداوة للممالك المسيحية، وكان يوجه ضدها الحملات فى كل عام تقريبًا حفظًا لهيبته. ونذكر من هذه الحملات حملة قطالونية عام 374 هـ (985) التى هزم فيها الكونت بوريل found رضي الله عنهorrel. واستولى على برشلونة. وبعد ذلك بثلاث سنين تحول المنصور إلى ليون وحاكمها برموره الثانى - رضي الله عنهer mura II الذى خالف معاهدة بينه وبين قرطبة؛ فاستولى على قلمرية وليون وسمورة.