النزاع فى الأسماء المأخوذة من الصفات والأفعال.

وقال القاضى أبو بكر: كل لفظ دل على معنى ثابت لله تعالى جاز إطلاقه عليه به بلا توقيف، إذا لم يكن إطلاقه موهما لما لا يليق بكبريائه، ولذا لم يجز أن يطلق عليه لفظ العارف، لأن المعرفة قد يراد بها علم تسبقه غفلة، وكذا لفظ الفقيه والعاقل والفطن والطبيب ونحو ذلك.

وقد يقال: لابد مع نفى ذلك الإيهام من الإشعار بالتعظيم حتى يصح الإطلاق بلا توقيف.

وقال القاضى أبو بكر: لابد من التوقيف، وهو المختار، وذلك للاحتياط، فلا يجوز الاكتفاء فى عدم إيهام الباطل بمبلغ إدراكنا، بل لابد من الاستناد إلى إذن الشرع. فإن قلت: من الأوصاف ما يمتنع إطلاقه عليه تعالى مع ورود الشرع بها، كالماكر، أجيب بأنه لا يكفى فى الإذن مجرد وقوعها فى الكتاب أو السنة بحسب اقتضاء المقام ورعاية أدب. وسياق الكلام، بل يجب أن يخلو عن نوع تعظيم.

وقال الغزالى: الحق أن الاسم غير التسمية وغير المسمى، وأن هذه ثلاثة أسماء متباينة غير مترادفة ولا سبيل إلى كشف الحق فيه إلا ببيان معنى كل واحد من هذه الألفاظ الثلاثة مفرداً، ثم بيان معنى قول: هو هو، ومعنى قولنا: هو غيره. وكل علم تصديقى، أعنى علم ما يتطرق إليه التصديق أو التكذيب، فإنه لا محالة لفظه قضية تشتمل على موصوف وصفة ونسبة لتلك الصفة إلى الموصوف، فلابد وأن تتقدم عليه المعرفة بالموصوف وحده على سبيل التصور لحدها وحقيقتها، ثم المعرفة بالصفة وحدها على سبيل التصور لحدها وحقيقتها، ثم النظر فى نسبة الصفة إلى الموصوف، أنها موجودة له أو منفية عنه، فمن أراد مثلا أن يعلم أن الملك قديم أو حادث، فلابد وأن يعرف أولاً معنى لفظ الملك، ثم معنى القديم والحادث، ثم ينظر فى إثبات أحد الوصفين للملك أو نفيه عنه، فلذلك لابد من معرفته معنى الاسم ومعنى المسمى، ومعنى التسمية، ومعرفة معنى هو هو، والهوية والغيرية حتى يتصور أن يعرف بعد ذلك أنه هو أو غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015