شبهة فى سيرة الناقل الشخصية، أما إذا اشتبهوا فى صدقه، وعلموا أنه كذب فى شئ من كلامه فقد رفضوا روايته وسموا حديثه "موضوعاً". أو "مكذوبا" وإن لم يعرف عنه الكذب فى رواية الحديث، مع علمهم بأنه قد يصدق الكذوب.

وكذلك توثقوا من حفظ كل راو، وقارنوا رواياته بعضها ببعض، وبروايات غيره، فإن وجدوا منه خطأ كثيراً، وحفظاً غير جيد ضعفوا روايته وإن كان لا مطعن عليه فى شخصه ولا فى صدقه خشية أن تكون روايته مما خانه فيه الحفظ.

وقد حرروا القواعد التى وضعوها لقبول الحديث، وحققوها بأقصى ما فى الوسع الإنسانى، احتياطاً لدينهم، ونفياً للخطأ عن سنة نبيهم، فكانت قواعدهم التى ساروا عليها أصح القواعد للإثبات التاريخى وأعلاها وأدقها، وإن أعرض عنها كثير من الناس وتحاموها بغير علم منهم ولا بينة.

ثمَّ جمعوا هم ومن جاء بعدهم كل ما وصل إليهم من روايات فى الحديث، صحيحة أو ضعيفة، مع بيان قوتها أو ضعفها فى أكثر الأحوال، وبعضهم جمع فى كتابه أحاديث صحيحة واقتصر عليها كالبخارى ومسلم، رضي الله عنهما، وكتاباهما أصح الكتب ثبوتاً بعد القرآن الكريم، وأحاديثهما لا شك فى صحة شئ منها عند العلماء بهذا الشأن، وبعض العلماء عنى بجمع الأحاديث التى ثبت أنها مكذوبة على النبى - صلى الله عليه وسلم - ليحذر الناس منها. وجمعوا أيضاً كل ما وصل إلى علمهم من أسماء الرواة وأنسابهم وأحوالهم وتفاصيل تراجمهم، ليكون الباحث على بينة من بحثه فى صحة الحديث، وألفوا فى كل هذا الدواوين الكبار فى مئات من المجلدات بل آلاف، مما لا نجد النزر اليسير منه عند آية أمة من سائر الأمم.

أفبعد هذا العمل الضخم، والإنتاج الهائل العظيم يأتى أولئك المستشرقون ليسحروا أعين الناس، ويستهووا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015