العقائدية. ولقد شارك هشام فى آخريات أيام حياته فى حلقات الفقهاء الجدلية التى كانت تعقد فى حضرة يحيى بن خالد البرمكى ورأس بعضها، ولقد عاش هشام فى الكرخ وزاول بها تجارته، وقد اتهمه بعض الشيعة فى أنه كانت له يد فى القبض على موسى الكاظم ويقال أن الخليفة الرشيد كان من المعجبين بآرائه فلما تبين له خطرها أمر باعتقاله، مما حمل هشام على الاختفاء ثم ما لبث أن مات سنة 199 هـ (= 814/ 815 م) أو فى خلافة المأمون وهذا القول الأخير بعيد عن الصدق وعلى أية حال فليس لدينا من الروايات ما يشير إلى أى نشاط له أيام إمامة على الرضا (183 - 203 هـ). وملخص فكرة الامامة التى كان يروّج لها هشام تقوم على أساس فكرة الحاجة الدائمة إلى إمام هادٍ ربانى يكون معلما للبشرية فى جميع الشئون الدينية وبذلك يكون هذا الإمام هو "الوصى"، وهو "معصوم" فى كل أفعاله وأقواله ولكنه لا يشبه الأنبياء فى أنه لا يوحى له ولا ينزل عليه الوحى.
كما قال أن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] جعل عليا خليفته بالنص، وأن الناس كلهم خرجوا عن هذا النص إلا قلة قليلة (أمثال) المقداد وسلمان الفارسى وأبى ذر وعمار) وقال إن الأمامة انتقلت بين ذرية على وفاطمة وتظل فيهم إلى يوم القيامة وإن كل إمام ينص على خليفته، وإن كل من أطاع الإمام فهو المؤمن الحقيقى، وإنه فى سبيل الحفاظ على العقيدة وعلى مجتمع المؤمنين هؤلاء فإنه مسموح للإمام، وتابعيه تحت الضرورة الملحّة أن يتوسلوا بالتقيّة فيما يتعلق بمعتقداتهم الدينية، وليس على الإمام أن يخرج على الحكومة الشرعية القائمة كما أن الثورة من غير موافقته مرفوضة، وقد كان على نمط أئمة وفيّه فى الأخذ بمذهب "القَدَر" وتفضل المراجع العربية آراءه ومذهبه، على أنه بعد موته أخذ تلميذه يونس بن عبد الرحمن (ت 208 هـ = 823 م) ومحمد خليل السكاك، وأخيرًا النيسابورى أبو الفضل بين شاذان المتوفى حوالى 260 هـ، أقول أخذ هؤلاء جميعا فى نشر دعوته وتصدّوا للدفاع عنها، على أنه وجد -هو