هو محمود بن فضل اللَّه بن محمود، ولد فى "قُشْحِصار"سنة 950 هـ (= 1543 - 1544 م)، ونكاد لا نعرف شيئا عن سنواته السبع والعشرين الأولى من حياته، إلّا أنه ذاق اليتم منذ فجر طفولته وإلّا أنه قضى بضع سنوات من عمره فى "سفر حصار" حيث أتيح له الاتصال بتلاميذ الشيخ "بابا يوسف"، فلما كان عام 978 هـ (= 1570 م) دخل فى خدمة "ناظر زاده" فى مدرسة سليم الثانى فى "أدْرنه"، وهذا ما يقرره عطائى فى كتابه ذيل الشقائق النعمانية، وقد تبع الهدائى شيخه حين اختير شيخه قاضيا بدمشق أولًا ثم بالقاهرة وأخيرا فى "بُرْصة"، وتولى الهدائى وظيفة نائب القاضى فى محكمة الجامع العتيق والتدريس فى المدرسة الفرهدية، ثم جرى فى أعقاب ذلك أزمة دينية، خُلع فيها من نيابة القضاء، وقيل إن ذلك الخلع يرجع إلى خطئه فى مسألة شرعية، فلما انتقل راعية ناظر زاده إلى "أدرنة" وذلك بعد الرابع من رجب 983 هـ (= 9 أكتوبر 1575 م) ظل الهدائى فى "بُرْصة" حتى إذا كان أول ذى القعدة سنة 984 هـ (= 18 يناير 1577) انخرط فى سلك أتباع الشيخ أُفْنَاد مؤسس الطائفة الجلواتية، ثم فقد وظيفته بالمدرسة فى ختام سنة 1578 م وعضَّه الفقر بنابه وقد ظل فى هذه الطائفة ثلاث سنوات حتى السبت أول ذى القعدة 987 هـ (= 19 ديسمبر 1579 م) - وقبل موت أفناد ببضعة أشهر قلائل بعثه الأخير فى مهمة إلى سفر حصار، وتلتها مهمات أخرى ذكرها النابلسى فى كتابه شرح التجليات الهدائية، ثم استقر به المطاف أخيرا فى القسم الآسيوى من استانبول، ثم عُيِّن أخيرا فى جمادى الآخرة 1002 هـ واعظًا فى مسجد محمد الثانى وذلك بسعْى محمود من جانب قاضى عسكر روملى واسمه صُنع اللَّه فلما فرغ من إكمال بناء جامعه الخاص سنة 1003 هـ = 1594 م استقال من وظيفته هذه كواعظ، وأخذ نفسه كل يوم خميس بالخطبة فى جامع "مِهْرِماه"، حتى إذا