نَجِسٌ أَنْ يَقُولَ هَذَا كُلُّهُ نَجِسٌ وَلَوْ انْقَطَعَ أَثَرُ الدَّمِ حَتَّى يَغْسِلَهُ بِالْمَاءِ كَمَا قَالَ هَذَا الشَّيْخُ، انْتَهَى. وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ قَبْلَهُ فِي الصِّيَامِ عَنْ ابْنِ قَدَّاحٍ مَا نَصُّهُ وَيَقْضِي إنْ جَاوَزَ حَلْقَهُ الدَّمُ وَإِنْ بَسَقَهُ حَتَّى ابْيَضَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ لِلصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ قَدَّاحٍ وَهُوَ يُجْزِئُ عَلَى التَّطْهِيرِ بِالْمَائِعِ غَيْرِ الْمَاءِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَضُرُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَكْلِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ النَّجَاسَةِ زَالَتْ إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ الْقَضَاءُ حِينَئِذٍ كَالْمُتَكَرِّرِ غَلَبَةً كَالذُّبَابِ وَاسْتَحَبَّ أَشْهَبُ فِيهِ الْقَضَاءَ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَصَوْمُ دَهْرٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ جَائِزٌ وَهَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ أَوْ الْأَفْضَلُ خِلَافُهُ قَالَ مَالِكٌ سَرْدُ الصَّوْمِ أَفْضَلُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ مَعْنَى كَلَامِ مَالِكٍ أَنَّ سَرْدَ الصَّوْمِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ إذَا لَمْ يَضْعُفْ بِسَبَبِهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَإِنْ ضَعُفَ فَالصَّوْمُ أَوْ الْفِطْرُ، انْتَهَى. وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ صَوْمَ الدَّهْرِ أَفْضَلُ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] . وَقَوْلِهِ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] . «وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لَا أَفْضَلَ لَكَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ لَهُ: إذَا فَعَلْت ذَلِكَ نَقِيَتْ نَفْسُك وَغَارَتْ عَيْنُك» وَلِأَنَّ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ مَا كَانُوا يُسْأَلُونَ عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ إلَّا لِيَخْتَارُوهُ وَكَذَا قَوْلُهُ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ أَخِي دَاوُد.» وَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ سَأَلَ: أَيُّ غَبِّ الصَّوْمِ وَتَفْرِيقِهِ أَفْضَلُ؟ وَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا ذَكَرْت تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْبُرْزُلِيُّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي النَّوَادِرِ وَحَمَلَ مَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ عَلَى مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ أَوْ عَمَّمَ صَوْمَهُ حَتَّى صَامَ مَا يَحْرُمُ صَوْمُهُ، انْتَهَى. وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِيمَا أَظُنُّ بِفَضْلِ صَوْمِ الدَّهْرِ
ص (وَفِطْرٌ بِسَفَرِ قَصْرٍ)
ش: أَيْ وَجَازَ فِطْرٌ بِسَفَرِ قَصْرٍ أَيْ فِي السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي فَصْلِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ سُنَّ لِمُسَافِرٍ غَيْرِ عَاصٍ بِهِ وَلَاهٍ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ فَإِنْ قِيلَ: جَعَلَ هُنَا الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ جَائِزًا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ مُسْتَحَبٌّ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ مَكْرُوهٌ فَالْجَوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُرَادَهُ هُنَا بِالْجَائِزِ مَا يُقَابِلُ الْمَمْنُوعَ فَيَشْمَلُ الْمَكْرُوهَ وَالْمُبَاحَ وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ إثْرَ قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُسَافِرِ يُقِيمُ فِي الْمَنْزِلِ يَوْمًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ وَهَذَا كَمَا قَالَ: وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] إلَّا أَنَّ مَالِكًا اسْتَحَبَّ لَهُ الصِّيَامَ وَيُكْرَهُ لَهُ الْفِطْرُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] ، انْتَهَى. وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْفِطْرُ لِلْمُسَافِرِ فِي الْبَحْرِ إذَا كَانَ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُ سَفَرُ قَصْرٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رَسْمٍ بَاعَ غُلَامًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَنَصُّ السَّمَاعِ: وَسُئِلَ عَنْ الْمُسَافِرِ فِي الْبَحْرِ يُرِيدُ أَنْ يُفْطِرَ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْمُسَافِرَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: 22] .
وَوُجُوبُ الْقَصْرِ وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ احْفَظْهُ، انْتَهَى. وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ: وَسَفَرُ الْقَصْرِ يُبِيحُ فِطْرَهُ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَحْرُ كَالْبَرِّ. الشَّيْخُ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ لَوْ أَقَامَ بِبَلَدٍ مَا لَا يُوجِبُ إتْمَامَهُ، انْتَهَى. وَانْظُرْ التَّلْقِينَ وَالْمَعُونَةَ وَفُهِمَ أَيْضًا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُفْطِرُ وَلَوْ أَقَامَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مَا لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ سَفَرُ قَصْرٍ وَصَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمِ (فَرْعٌ) قَالَ الْجُزُولِيُّ: وَيُفْطِرُ فِي السَّفَرِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْمَحْظُورِ. وَالْمَشْهُورُ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ فِي الْمُبَاحِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْمَكْرُوهِ وَلَا الْمَحْظُورِ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ