أَهْلِهِ وَمَنْ فِي عِيَالِهِ كَالْأَجِيرِ وَالْخَادِمِ أَوْ إلَى أَهْلِ بَلَدٍ لَيْسَ لَهُمْ قَاضٍ أَوْ جَمَاعَةٌ لَا يَعْتَنُونَ بِأَمْرِ الْهِلَالِ وَضَبَطَ رُؤْيَتَهُ وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ مِنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَكَأَنَّهُ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ النَّقْلِ إلَى الْأَهْلِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ فِيهَا قَوْلًا بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي وَنَصُّهُ: وَيُقْبَلُ النَّقْلُ بِالْخَبَرِ إلَى الْأَهْلِ وَنَحْوِهِمْ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَعْرِفُهُ. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: مُقْتَضَى قَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ مُقَابِلَهُ لَا يَكْفِي. وَلَمْ يَذْكُرْ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي قَبُولِهِ خِلَافًا وَيَبْقَى عَلَى الْمُصَنِّفِ الْكَلَامُ عَلَى ثُبُوتِ الْهِلَالِ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَعْتَنِي بِأَمْرِ الْهِلَالِ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ حِينَئِذٍ ثُبُوتُ الْهِلَالِ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُكْتَفَى حِينَئِذٍ بِنَقْلِ الْعَدْلِ فَيُكْتَفَى أَيْضًا بِرُؤْيَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ إمَّا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ أَوْ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَظَاهِرُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ بِشَرْطِهَا كَانَ ثَمَّ حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قِيلَ لَهُ: إنْ أَخْبَرَكَ الرَّجُلُ الْفَاضِلُ بِأَنَّهُ رَآهُ قَالَ: لَوْ كَانَ مِثْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا صُمْت وَلَا أَفْطَرْت، انْتَهَى. قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ وَفِي هَذَا الْأَخْذِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ سَحْنُونًا إنَّمَا قَالَهُ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْتَنِي بِأَمْرِ الْهِلَالِ وَأَمَّا إذَا جَعَلْنَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا بِمُنْفَرِدٍ مُخْرَجًا مِنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ أَوْ رَاجِعًا لِلرُّؤْيَةِ وَالنَّقْلِ جَمِيعًا فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ إلَّا كَأَهْلِهِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَأَى الشَّخْصُ الْهِلَالَ وَحْدَهُ فِي بَلَدٍ بِهَا قَاضٍ يَعْتَنِي بِالْهِلَالِ أَوْ جَمَاعَةٌ يَعْتَنُونَ بِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَهْلَهُ الصَّوْمُ بِرُؤْيَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا يَلْزَمُ أَهْلَهُ الصَّوْمُ بِرُؤْيَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَعْتَنِي بِأَمْرِ الْهِلَالِ (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إمَّا بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ إمَامٌ أَلْبَتَّةَ أَوْ لَهُمْ إمَامٌ وَهُوَ يُضَيِّعُ أَمْوَالَهُمْ وَلَا يَعْتَنِي، انْتَهَى.
وَقَالَ الْأَبِيُّ: إنَّمَا تُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ فِي بَلَدٍ بِهَا قَاضٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَالَتِهَا وَيَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْقَاضِي جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ يَنْظُرُونَ كَنَظَرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مُعْتَنٍ بِالشَّرِيعَةِ مِنْ قَاضٍ أَوْ جَمَاعَةٍ فَذَلِكَ عُذْرٌ يُبِيحُ الِاكْتِفَاءَ بِالْخَبَرِ بِشَرْطِهِ مِنْ الضَّبْطِ وَالْعَدَالَةِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَنُونَ بِالشَّرِيعَةِ كَفَى الْخَبَرُ يَعْنِي عَلَى شَرْطِهِ مِنْ الضَّبْطِ وَالْعَدَالَةِ وَعَلَى هَذَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَتَكُونُ هَذِهِ ضَرُورَةً تُبِيحُ الِانْتِقَالَ مِنْ الشَّهَادَةِ إلَى الْخَبَرِ كَمَا يَنْقُلُهُ الرَّجُلُ إلَى أَهْلِ دَارِهِ بَلْ هُوَ أَوْلَى وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمَوْضِعِ إمَامٌ أَوْ كَانَ وَضَيَّعَ فَمَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِرُؤْيَةِ نَفْسِهِ أَوْ بِرُؤْيَةِ مَنْ يَثِقُ بِهِ فَيَصُومُ بِذَلِكَ وَيُفْطِرُ وَيَحْمِلُ عَلَيْهِ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ. نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، انْتَهَى.
(الثَّانِي) سَأَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ قُرًى بِالْبَادِيَةِ مُتَقَارِبَةٍ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَنِيرُوا فَرَآهُ بَعْضُ أَهْلِ الْقُرَى فَنِيرُوا فَأَصْبَحَ أَصْحَابُهُمْ صَوْمًا ثُمَّ ثَبَتَتْ الرُّؤْيَةُ بِالتَّحْقِيقِ، فَهَلْ يَصِحُّ صَوْمُهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الرَّجُلِ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيُخْبِرُهُمْ أَنَّ الْهِلَالَ قَدْ رُئِيَ، نَقَلَهُ عَنْهُ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ ((قُلْتُ)) أَمَّا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي فِيهِ النَّارُ يَعْلَمُ بِهِ أَهْلُ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ جَعْلِ النَّارِ فِيهِ إلَّا إذَا ثَبَتَ الْهِلَالُ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ بِرُؤْيَةٍ مُسْتَفِيضَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ نَقْلِ الْوَاحِدِ وَهَذَا كَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ لَا يُوقَدُ الْقَنَادِيلُ فِي رُءُوسِ الْمَنَائِرِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْهِلَالِ فَمَنْ كَانَ بَعِيدًا أَوْ جَاءَ بِلَيْلٍ وَرَأَى ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ بِلَا خِلَافٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَعَلَى عَدْلٍ أَوْ مَرْجُوٍّ رَفْعُ رُؤْيَتِهِ) ش الْمُرَادُ بِالْمَرْجُوِّ مَنْ يُرْتَجَى قَبُولُ شَهَادَتِهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَنْ يُزَكِّيهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ: يَجِبُ رَفْعُ الْمَرْجُوِّ وَلَوْ عَلِمَ جُرْحَةَ نَفْسِهِ، انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهُ: وَظَاهِرُ الْكِتَابِ يُرْفَعُ لِلْإِمَامِ وَلَوْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي