أَوْ ابْنُ السَّبِيلِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ حَقٌّ بِنَصِّ التَّنْزِيلِ، انْتَهَى. مِنْ الْبُرْزُلِيِّ.

ص (كَعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ)

ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ مَسْأَلَةٌ إذَا فَاضَ الْمَالُ، وَلَمْ يُوجَدَ مَنْ يَقْبَلُهُ بَعْدَ نُزُولِ السَّيِّدِ عِيسَى، قَالَ الْأَبِيُّ: قَالَ الشَّيْخُ - يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ إذَا أَفْضَى الْحَالُ فِي الْمَالِ إلَى أَنْ لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْإِنْسَانُ مَنْ يَسْتَأْجِرُ لِعَمَلِهِ عَمِلَ بِنَفْسِهِ فَإِنْ عَجَزَ وَجَبَتْ إعَانَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُوَاسَاةَ كَمَا تَجِبُ بِالْمَالِ تَجِبُ بِالنُّفُوسِ الْأَبِيُّ، وَمَا تَقَدَّمَ لِلنَّوَوِيِّ مِنْ نَسْخِ الْجِزْيَةِ حِينَئِذٍ لَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ الزَّكَاةُ كَذَلِكَ وَهُوَ فِي الزَّكَاةِ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِرْفَاقِ الضُّعَفَاءِ.

(فَإِنْ قُلْت) : إنَّمَا أَسْقَطَ قَبُولُ الْجِزْيَةِ نَسْخَهَا لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ قُلْت: وَهَذِهِ أَيْضًا كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ «وَلَتَتْرُكَنَّ الْقِلَاصَ فَلَا يَسْعَى عَلَيْهَا أَحَدٌ» انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَنْ عِيَاضٍ: إنَّهُ لَا بَيْعَةَ لِأَخِذِ زَكَاتِهَا سُعَاةٌ زَهَادَةً فِيهَا لِفَيْضِ الْمَالِ مَعَ أَنَّهَا أَنْفَسُ مَالِ الْعَرَبِ، وَالْقِلَاصُ جَمْعُ قَلُوصٍ وَهِيَ مِنْ الْإِبِلِ كَالْفَتَاةِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْحَدَثِ مِنْ الرِّجَالِ، انْتَهَى.

ص (وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرْضًا قَبْلَ الْقَبْضِ إلَخْ)

ش: ذَكَر - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَبْعَ مَسَائِلَ لَا تُجْزِئُ فِيهَا الزَّكَاةُ: (الْأُولَى) إذَا قَدَّمَ زَكَاةَ الْمُعَشَّرَاتِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَدَّمَ زَكَاةَ زَرْعِهِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِيهِ يُرِيدُ إذَا قَدَّمَهَا قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا ذَكَرَ تَقْدِيمَ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ: وَهَذَا خَاصٌّ بِالْحَيَوَانِ وَالْعَيْنِ، وَأَمَّا الزَّرْعُ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْلَكْ بَعْدُ، نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ، انْتَهَى. قُلْت: وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ فَقَالَ فِي تَبْصِرَتِهِ لَمَّا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ: وَهَذَا فِي الْعَيْنِ وَلَا يَصِحُّ فِي زَكَاةِ الْحَرْثِ وَالزَّرْعِ وَالثِّمَارِ لِأَنَّهَا زَكَاةٌ عَمَّا لَمْ يَمْلِكْ بَعْدُ وَلَا يَدْرِي مَا قَدْرُهُ، وَيَجُوزُ فِي الْمَوَاشِي إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ سُعَاةٌ عَلَى مِثْلِ مَا يَجُوزُ فِي الْعَيْنِ وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي تَعْجِيلِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ.

(فَرْعٌ) أَمَّا إذَا أَخْرَجَ الزَّكَاةَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ وَهُوَ إفْرَاكُ الْحَبِّ وَطِيبُ الثِّمَارِ وَقَبْلَ الْحَصَادِ وَالْجِذَاذِ فَإِنَّهَا تُجْزِيهِ، قَالَ فِي الطِّرَازِ: لَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ زَرْعِهِ قَبْلَ حَصَادِهِ وَهُوَ قَائِمٌ فِي سُنْبُلِهِ، قَالَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ: يُجْزِيهِ وَلَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ يَقُولُ: لَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ إلَّا أَنْ يُلْجِئَهُ السَّاعِي إلَى ذَلِكَ، وَإِنْ فَعَلَ جَازَ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ قَدْ وَجَبَتْ بِطِيبِ الزَّرْعِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ " وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ " مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ " أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرْضًا قَبْلَ الْقَبْضِ " يَعْنِي أَنَّ مَنْ زَكَّى دَيْنًا قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا زَكَّى عَنْ ثَمَنِ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ، قَالَ بَهْرَامُ فِي الْأَوْسَطِ: قَوْلُهُ " قَبْلَ الْقَبْضِ " أَيْ قَبْضِ الدَّيْنِ وَقَبْضِ ثَمَنِ الْعَرْضِ، انْتَهَى.

وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: " قَبْلَ الْقَبْضِ " ظَرْفٌ لَهُمَا، وَالْمُرَادُ فِي الْعَرْضِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ، انْتَهَى. وَنَقَلَ سَنَدٌ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ لَمَّا احْتَجَّ لِمَالِكٍ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُزَكَّى قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ صَدَقَتِهِ إلَّا دَيْنًا يَقْطَعُ بِهِ لِمَنْ يَلِي ذَلِكَ عَلَى الْغُرَمَاءِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ تَخْرُجَ زَكَاةُ كُلِّ مَالٍ مِنْهُ، وَبِذَلِكَ احْتَجَّ أَيْضًا فِي عَرْضِ التِّجَارَةِ أَنَّهُ لَا يُزَكَّى حَتَّى يُبَاعَ وَيُقْبَضَ ثَمَنُهُ، انْتَهَى.

وَقَالَ بَعْدَهُ أَيْضًا إنْ ابْتَاعَ الْعَرْضَ بِثَمَنٍ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَخَذَ بِهِ عَرْضًا لَمْ تَلْزَمْهُ زَكَاةُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ دَيْنًا فَمَا لَمْ يَنِضَّ فَهُوَ كَالْعَرَضِ فَكَأَنَّهُ ابْتَاعَ بِعَرَضٍ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمَشَذَّالِيُّ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ أَخَذَ بِالْمِائَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا ثَوْبًا، وَذَكَرَ أَنَّهَا مُعَارِضَةٌ لِمَسْأَلَةِ كِتَابِ الْعُيُوبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، قَالَ: وَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَبْضَ الْحِسِّيَّ هُنَا مَطْلُوبٌ وَعَدَمَهُ مُؤْثَرٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ قَبْضِهِ عَرَضٌ مَبِيعٌ بِعَرْضٍ، انْتَهَى.

فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الثَّمَنَ لَا يُزَكَّى حَتَّى يُقْبَضَ، وَأَنَّهُ إنْ زَكَّاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ، وَذَلِكَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُقْبَضْ فَهُوَ دَيْنٌ وَالدَّيْنُ لَا يُزَكَّى قَبْلَ قَبْضِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ زَكَاةِ الدَّيْنِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ عَيْنًا أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَلَيْسَ لَهُ صُورَةٌ إلَّا أَنْ يَبِيعَ الْعَرْضَ، وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا فِي الذَّخِيرَةِ، قَالَ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015