إغْمَاضِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَسَهِّلْ عَلَيْهِ مَوْتَهُ وَأَسْعِدْهُ بِلِقَائِك وَاجْعَلْ مَا خَرَجَ إلَيْهِ خَيْرًا مِمَّا خَرَجَ عَنْهُ انْتَهَى.

وَانْظُرْ قَوْلَ الشَّيْخِ بَهْرَامَ وَفِي كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّغْمِيضَ يَكُونُ قَبْلَ الْمَوْتِ لِقَوْلِهِ: وَيَقُولُ حِينَئِذٍ اللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَسَهِّلْ عَلَيْهِ مَوْتَهُ وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ إذَا قَضَى مَعَ كَلَامِ سَنَدٍ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الدُّعَاءَ الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ يَقُولُهُ عِنْدَ إغْمَاضِهِ وَصَرَّحَ بِأَنَّ التَّغْمِيضَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الدُّعَاءِ بِالتَّسْهِيلِ بِمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: إذَا قَضَى رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَتَغْمِيضُهُ وَشَدُّ لَحْيَيْهِ فَهُوَ قَيْدٌ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُغْمَضُ إذَا انْقَطَعَ نَفَسُهُ وَانْحَدَرَ بَصَرُهُ وَانْفَرَجَتْ شَفَتَاهُ وَلَمْ تَنْطَبِقَا وَسَقَطَتْ قَدَمَاهُ وَلَمْ تَنْتَصِبَا فَعِنْدَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ عَلَامَاتٍ يُغْمَضُ الْمَيِّتُ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَفِي التَّوْضِيحِ وَيُسْتَحَبُّ إذَا قَضَى لَا قَبْلَ ذَلِكَ انْتَهَى.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ بْنُ أَسْبَاطٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ لَمْ يُغْمَضْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَقِيَ مَفْتُوحَ الْأَجْفَانِ وَالشَّفَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ وَاحِدٌ بِعَضُدِهِ وَآخَرُ بِإِبْهَامَيْ رِجْلَيْهِ وَيَجْذِبَانِهِ قَلِيلًا فَإِنَّهُ يَتَغَمَّضُ وَذَلِكَ مُجَرَّبٌ صَحِيحٌ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَشَدُّ لَحْيَيْهِ إذَا قَضَى وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ بِرِفْقٍ وَرَفْعُهُ عَنْ الْأَرْضِ وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ وَوَضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ)

ش: قَالَ سَنَدٌ ثُمَّ يَشُدُّ لَحْيَهُ الْأَسْفَلَ بِعِصَابَةٍ وَيَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ وَذَلِكَ لِئَلَّا يَسْتَرْخِيَ وَيَنْفَتِحَ فَاهُ فَتَدْخُلَهُ الْهَوَامُّ وَيَقْبُحَ بِذَلِكَ مَنْظَرُهُ، وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ: إغْمَاضُ عَيْنَيْهِ، وَشَدُّ لَحْيَيْهِ، وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ، وَتَجْرِيدُهُ مِنْ ثِيَابِهِ، وَوَضْعُهُ عَلَى لَوْحٍ أَوْ سَرِيرٍ، وَتَثْقِيلُ بَطْنِهِ، وَتَسْجِيَتُهُ بِثَوْبٍ.

زُعِمَ أَنَّ تَلْيِينَ مَفَاصِلِهِ إسْهَالًا عَلَى غَاسِلِهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ إذْ الْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى لِينُهُ لِوَقْتِ غُسْلِهِ، نَعَمْ تَمَدَّدَ فَإِنْ كَانَ مُرْتَفِعَ الرُّكَبِ غُمِزَ وَلِينَ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَالَ فِي تَجْرِيدِهِ: لِئَلَّا تَحْمِيَهُ ثِيَابُهُ فَلَا يُؤْمَنُ مَعَهَا الْفَسَادُ وَهَذَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْأَحْوَالِ فَلَا يُجْعَلُ سُنَّةً لِسَائِرِ الْأَمْوَاتِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رَفْعِهِ عَلَى سَرِيرٍ لِئَلَّا يَسْرُعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَتَنَالَهُ الْهَوَامُّ، وَتَثْقِيلُ بَطْنِهِ لِئَلَّا تَعْلُوَ فَيُتْرَكَ عَلَيْهَا حَدِيدٌ وَشِبْهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا التَّسْجِيَةُ فَرَوَى ابْنُ حَنْبَلٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُجِّيَ فِي ثَوْبِ حِبَرَةٍ انْتَهَى.

وَنَقَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ مَا عَدَا تَجْرِيدَهُ بَلْ قَالَ عِنْدَ ذِكْرِ التَّسْجِيَةِ: وَيُزِيلُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ مَا عَدَا الْقَمِيصَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ التَّجْرِيدِ فِي كَلَامِ سَنَدٍ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى وَضْعِ ثَقِيلٍ: تُجْعَلُ عَلَى بَطْنِهِ حَدِيدَةٌ، أَوْ سِكِّينٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَطِينًا مَبْلُولًا طَاهِرًا لِئَلَّا يَعْلُوَ فُؤَادُهُ فَيُخْشَى أَنْ يَنْفَجِرَ قَبْلَ حُلُولِهِ فِي قَبْرِهِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ شَدَّ اللَّحْيَيْنِ عَنْ غَيْرِ الْمَذْهَبِ وَقَدْ ذَكَرَهُ سَنَدٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَعْزِهِ لِغَيْرِ الْمَذْهَبِ وَكَذَلِكَ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَنَقَلَهُ ابْنُ شَعْبَانَ إلَّا أَنَّهُ عَلَّلَهُ بِخَوْفِ دُخُولِ شَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ عِنْدَ غُسْلِهِ لِجَوْفِهِ وَقَالَ ابْنُ غَازِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: قَدْ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ تُجْعَلُ حَدِيدَةٌ عَلَى بَطْنِهِ وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى مَعْنَاهُ قَالُوا لِئَلَّا يَسْرُعَ انْتِفَاخُ بَطْنِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُهُ فِي الْمَذْهَبِ بَلْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إبَاحَتَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ انْتَهَى.

وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَدْخَلِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَإِسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ إلَّا الْغَرَقَ) ش فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ الْمُسْلِمِ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ» انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ ثُمَّ يَأْخُذُ فِي تَجْهِيزِهِ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ مِنْ إكْرَامِ الْمَيِّتِ الِاسْتِعْجَالَ بِدَفْنِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ فَجْأَةً، أَوْ بِصَعْقٍ، أَوْ غَرَقٍ، أَوْ بِسِمَنِهِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا يُسْتَعْجَلُ عَلَيْهِ وَيُمْهَلُ حَتَّى يُتَحَقَّقَ مَوْتُهُ، وَلَوْ أَتَى عَلَيْهِ الْيَوْمَانِ، أَوْ الثَّلَاثُ، أَوْ يَظْهَرُ تَغَيُّرُهُ فَيَحْصُلُ الْيَقِينُ بِمَوْتِهِ لِئَلَّا يُدْفَنَ حَيًّا فَيُحْتَاطُ لَهُ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ كَثِيرًا انْتَهَى.

(فَرْعٌ) الدَّفْنُ لَيْلًا جَائِزٌ نَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي دَفْنِ فَاطِمَةَ لَيْلًا جَوَازُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015