تَحْتَهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ أَجْوَدُ مِنْ أَنْ يَقْرَأَ بِسُورَةٍ فَوْقَهَا، وَلَعَمْرِي إنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِمَا بَعْدَ السُّورَةِ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَحْسَنُ مِنْ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا بِمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ جُلُّ عَمَلِ النَّاسِ الَّذِي مَضَوْا عَلَيْهِ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: وَلَعَمْرِي إلَى آخِرِهِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَقَالَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْبَاجِيُّ: يُكْرَهُ فِي الثَّانِيَةِ سُورَةٌ قَبْلَ السُّورَةِ الْأُولَى عِيَاضٌ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَذَكَرَ السَّمَاعَ الْمَذْكُورَ ثُمَّ قَالَ: وَيُكْرَهُ تَكْرِيرُ السُّورَةِ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ يُتِمُّهَا وَلَوْ ذَكَرَهَا فِي أَوَّلِهَا وَقِرَاءَتُهَا فِي ثَالِثَةٍ أَوْ رَابِعَةٍ وَحَسَّنَهَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِيهِمَا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيّ لِرِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ جَوَازُ ثَلَاثِ سُوَرٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْأُولَيَيْنِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: وَقِرَاءَتُهَا، أَيْ وَيُكْرَهُ قِرَاءَتُهَا فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: تَكْرِيرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ: الْمَشْهُورُ عَدَمُ كَرَاهَةِ قِرَاءَةِ سُورَةٍ فَوْقَ السُّورَةِ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَكَرَاهَةُ تَكْرَارِ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَمَنْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ؛ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ سُورَةً فَوْقَهَا وَلَا يُكَرِّرُهَا، وَقِيلَ: يُعِيدُهَا. قَالَ: وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ كَرَاهَةِ فِعْلِ ذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَالْمَشْهُورُ كَرَاهَةُ تَكْرِيرِ السُّورَةِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّأَمُّلِ: وَهَلْ الْأَفْضَلُ قِرَاءَةُ سُورَةٍ بَعْدَ الَّتِي قَرَأَ فِي الْأُولَى وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ لَا؟ رِوَايَتَانِ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ: ثُمَّ تَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَمَا فَعَلْت أَوَّلًا هَلْ يُطَوِّلُ السُّجُودَ الثَّانِيَ كَالْأَوَّلِ قَالَ الْجُزُولِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا انْتَهَى.
(فَرْعٌ) وَقَوْلُهُ: وَثَانِيَةٍ عَنْ أُولَى، هَذَا فِي الْفَرْضِ وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَقَدْ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ: إنَّهُ إذَا وَجَدَ الْحَلَاوَةَ فَلَهُ أَنْ يُطَوِّلَ اُنْظُرْهُ فِي آدَابِ الْمُتَعَلِّمِ
ص (وَجُلُوسٌ أَوَّلٌ)
ش: قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى فِقْهِ الْإِمَامِ، وَالثَّانِيَةُ خَطْرَفَتُهُ لِلْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ، وَالثَّالِثَةُ دُخُولُ الْمِحْرَابِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ ذَكَرَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَرْفَعُ أَحَدٌ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ.
ص (وَقَوْلُ مُقْتَدٍ وَفَذٍّ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ)
ش لَيْسَ فِي كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَذَّ يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ بَعْدَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الرِّسَالَةِ وَغَيْرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَتَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ نَذْرِ سُنَّةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُمَا قَالَا: مَنْ صَلَّى الْفَرِيضَةَ فَرَكَعَ وَسَجَدَ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ فِي ذَلِكَ أَعَادَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَهَذَا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْسَانِ لَا عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور: 48] فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ إلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ انْتَهَى.
ص (وَتَأْمِينُ فَذٍّ مُطْلَقًا)
ش: التَّأْمِينُ أَنْ يَقُولَ: آمِينَ، قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: بِالْمَدِّ وَبِالْقَصْرِ وَفِي مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ: وَلَمْ يَصِحَّ نَقْلُهُ. الثَّانِي مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ. الثَّالِثُ مَعْنَاهُ كَذَلِكَ يَكُونُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالْأَوْسَطُ أَصَحُّ وَأَوْسَطُ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ: هَذِهِ كَلِمَةٌ لَمْ تَكُنْ لِمَنْ قَبْلَنَا خَصَّنَا اللَّهُ بِهَا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا حَسَدَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدُوكُمْ عَلَى قَوْلِكُمْ: آمِينَ انْتَهَى.
ص