تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ وَرِيحُهُ وَالسُّفُنُ تَجْرِي فِيهِ عَلَى حَالِهَا وَالْمَرَاحِيضُ تَصُبُّ فِيهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ لَوْنَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ صَبِّ الْمَرَاحِيضِ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّهُ تَغَيَّرَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ نَجِسًا بِإِجْمَاعٍ فَلَمَّا لَمْ يُعْلَمْ كَانَ الِاحْتِيَاطُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَوْ وُجِدَ مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ لِتَغَيُّرِهِ سَبَبٌ مِنْ نَجَاسَةٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَغَيَّرَ مِنْهَا حُمِلَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ: فَحُكْمُهُ بِالظَّاهِرِ مِنْ أَمْرِهَا لِقُرْبِ الْمَرَاحِيضِ مِنْ آبَارِ الدُّورِ وَرَخَاوَةِ الْأَرْضِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ رُبَّ بِئْرٍ فِي الصَّفَا وَالْحِجْرِ لَا يَصِلُ إلَيْهَا شَيْءٌ وَرُبَّ أَرْضٍ رَخْوَةٍ يَصِلُ مِنْهَا فَهَذِهِ أَيْضًا مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُرَاعَى فِي مِثْلِ وَهَذَا ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْخَلِيجِ ثُمَّ قَالَ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْهُ كَرَاهَةً وَاسْتِظْهَارًا إلَّا لِلْحُكْمِ بِنَجَاسَتِهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ عَظِيمٌ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّجَاسَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْخَلِيجِ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ فَتَاوَى أَهْلِ مِصْرَ فِي بِرْكَةِ الْفِيلِ وَبِرْكَةِ النَّاصِرِيَّةِ وَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَصْفِ.

ص (أَوْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرِهِ وَإِنْ بِدُهْنٍ لَاصِقٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرَةِ شَيْءٍ لَهُ فَإِنَّ تَغَيُّرَهُ بِالْمُجَاوِرَةِ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُجَاوِرُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْمَاءِ أَوْ مُلَاصِقًا لَهُ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ كَانَ إلَى جَانِبِ الْمَاءِ جِيفَةٌ أَوْ عُذْرَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا فَنَقَلَتْ الرِّيحُ رَائِحَةَ ذَلِكَ إلَى الْمَاءِ فَتَغَيَّرَ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا.

قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْهُ إذَا سُدَّ فَمُ الْإِنَاءِ بِشَجَرٍ وَنَحْوِهِ فَتَغَيَّرَ مِنْهُ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ مُخَالَطَةٍ لِشَيْءٍ مِنْهُ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ الْمُجَاوِرُ الْمُلَاصِقُ فَمَثَّلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالدُّهْنِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ وَقَيَّدَهُ بِالْمُلَاصِقِ وَاحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الْمُمَازِجِ الْمُخَالِطِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: وَأَمَّا الدُّهْنُ فَقَدْ أَنْكَرَ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الدُّهْنَ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ وَمِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ بَشِيرٍ وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُجَاوِرًا لِسَطْحِ الْمَاءِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ رَاشِدٍ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ وَكَانَ يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِالْمُجَاوَرَةِ لِأَنَّا نَقُولُ: أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْمُجَاوِرَةَ الَّتِي لَا تَضُرُّ قِسْمَانِ قِسْمٌ غَيْرُ مُلَاصِقٍ وَقِسْمٌ مُلَاصِقٌ انْتَهَى وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمُتَغَيِّرُ بِالدُّهْنِ طَهُورٌ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَقُّهُ أَنْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِالْمُجَاوِرِ لِأَنَّهُ يُجَاوِرُ وَلَا يُمَازِجُ يَرُدُّ بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ وَأَقْوَالِهِمْ كُلُّ تَغَيُّرٍ بِحَالٍ مُعْتَبَرٍ وَإِنْ لَمْ يُمَازِجْ وَنَصُّ ابْنُ بَشِيرٍ: التَّغَيُّرُ بِمُخَالَطَةِ الْأَدْهَانِ غَيْرُ مُطَهِّرٍ وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الشَّيْخِ وَالْقَابِسِيِّ مَا اسْتَقَى بِدَلْوٍ دُهِنَ بِزَيْتٍ غَيْرُ طَهُورٍ انْتَهَى.

وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ أَنَّهُ وَافَقَ ابْنَ الْحَاجِبِ فَقَالَ: وَلَوْ سَقَطَ فِي الْمَاءِ دُهْنٌ أَوْ عُودٌ لَا يَمْتَزِجُ بِالْمَاءِ فَغَيَّرَهُ لَمْ يَضُرَّ قَالَ: وَلَا إشْكَالَ وَارِدٌ عَلَى ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَلَا عَنْ الْأُمَّهَاتِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الدُّهْنَ إذَا لَاصَقَ سَطْحَ الْمَاءِ وَلَمْ يُمَازِجْهُ لَا يَضُرُّ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: الْمُتَغَيِّرُ بِمُخَالَطَةِ الْأَدْهَانِ وَالْمُخَالَطَةِ الْمُمَازِجَةِ وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الدُّهْنَ الْمُخَالِطَ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ وَقَدْ فَرَّقَ صَاحِبُ الْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلْوِ وَالدُّهْنِ الْوَاقِعِ عَلَى سَطْحِ الْمَاءِ بِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ مَازَجَهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الدُّهْنِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّلْوِ لِأَنَّ الدُّهْنَ يَنْشَغُ مِنْ قَعْرِ الدَّلْوِ وَأَجْنَابِهِ بِخِلَافِ الدُّهْنِ الْوَاقِعِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَطْفُو عَلَى وَجْهِهِ وَيَبْقَى مَا تَحْتَهُ سَالِمًا وَصَاحِبُ الْجَمْعُ هَذَا لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَرَأَيْتُ مِنْهُ جُزْءًا يَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ هَارُونَ وَابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَبْحَثُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ يَنْشَغُ بِالنُّونِ وَالشِّينِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ يَرْتَفِعُ وَأَصْلُ النُّشُوغِ الشَّهِيقُ حِينَ يَكَادُ يَبْلُغُ الْغَشْيَ وَلَاصَقَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِعْلٌ مَاضٍ لَا اسْمُ فَاعِلٍ وَيُقَالُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ وَالزَّايِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015