مُوَافِقٌ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ فَانْظُرْ نُصُوصَ الْمُتَقَدِّمِينَ انْتَهَى. وَقَالَ صَاحِبُ الْجَمْعِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَأَمَّا مَشْيُهُ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا فِي الطَّرِيقِ وَمُبَاشَرَتُهُ لِغَسْلِ الدَّمِ فَمُغْتَفَرٌ قَالَهُ ابْنُ حَارِثٍ انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) تَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَشْيَهُ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا غَيْرُ مُبْطِلٍ كَمَا تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ وَلَوْ كَانَتْ رَطْبَةً كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَمَنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْجَمْعِ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَقَالَهُ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَإِنَّهُ قَالَ لَا خِلَافَ فِيمَا إذَا مَشَى عَلَى نَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ أَنَّهُ لَا يُبْنَى وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا مَشَى عَلَى نَجَاسَةٍ يَابِسَةٍ وَذَكَرَ الْخِلَافَ ثُمَّ قَالَ: وَالنَّجَاسَةُ الْمُرَادَةُ هِيَ الْعُذْرَةُ وَأَمَّا أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا فَيُبْنَى إذَا مَشَى عَلَيْهَا مُطْلَقًا لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا تَخْلُو مِنْهَا وَلِلْخِلَافِ فِيهَا وَلِذَلِكَ رَاعَاهُ مَالِكٌ وَقَالَ مَنْ وَطِئَ بِخُفَّيْهِ أَوْ نَعْلَيْهِ عَلَى أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ الرَّطْبَةِ وَأَبْوَالِهَا وَصَلَّى بِهَا الْمَسْأَلَةُ يُشِيرُ إلَى مَسْأَلَةِ الْخُفِّ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَابِ الْمَعْفُوَّاتِ قُلْتُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا وَطِئَهَا نَاسِيًا أَوْ مُضْطَرًّا لِذَلِكَ لِعُمُومِهَا وَانْتِشَارِهَا فِي الطَّرِيقِ وَأَمَّا إنْ وَطِئَهَا عَامِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِسَعَةِ الطَّرِيقِ وَعَدَمِ عُمُومِهَا وَإِمْكَانِ عُدُولِهِ عَنْهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الضَّرُورَةُ (الثَّانِي) مُبَاشَرَتُهُ لِغَسْلِ الدَّمِ مِنْ أَنْفِهِ مُغْتَفَرٌ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْجَمْعِ وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ كَالْعُذْرَةِ وَالْبَوْلِ وَالدَّمِ وَزِبْلِ الْكِلَابِ وَالدَّجَاجِ الَّتِي تَأْكُلُ النَّجِسَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِاتِّفَاقٍ وَكَذَا إنْ كَانَتْ يَابِسَةً وَوَطِئَهَا عَامِدًا كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً وَوَطِئَهَا سَهْوًا فَفِيهَا الْخِلَافُ حَكَى الْمُتَقَدِّمُونَ فِيهَا قَوْلَيْنِ بِالْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَشَى عَلَى الْبُطْلَانِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ الْمُصَلَّى فِي صَلَاتِهِ وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ أَرَ مَنْصُوصًا فِي مَسْأَلَةِ النَّجَاسَةِ إلَّا هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ وَالْمَشْيَ عَلَى النَّجَاسَةِ مُسْتَوِيَانِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ انْتَهَى وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ مَشْيُهُ عَلَى نَجَاسَةٍ مِثْلُ كَلَامِهِ فِي أَقْوَالِهِ وَلَمْ يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِمَا إذَا عَلِمَ قَبْلَ كَمَالِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ وَطِئَ نَجَاسَةً سَهْوًا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَهَذَا ظَاهِرٌ (الرَّابِعُ) الْقَشْبُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ الْعُذْرَةُ الْيَابِسَةُ هَكَذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسُ) إذَا عَلِمَ هَذَا فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى عُمُومِهِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا وَقَدْ اسْتَثْنَاهَا فِي الشَّامِلِ وَقَوْلُهُ وَيَتَكَلَّمُ وَلَوْ سَهْوًا هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فَإِنْ تَكَلَّمَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِاتِّفَاقٍ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا فَحَكَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِيهِ قَوْلَيْنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَبْنِي لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا جَاءَتْ فِي بِنَاءِ الرَّاعِفِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يَخُصَّ نَاسِيًا مِنْ مُتَعَمِّدٍ وَحَكَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ يَبْنِي وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ وَالْإِمَامُ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ قُلْتُ وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ عَلَى حُكْمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الرَّاعِفِ وَالْأَوَّلُ قَصَرَ الرُّخْصَةَ عَلَى مَحِلِّ وُرُودِهَا وَأَيْضًا إذَا حَصَلَ الْكَلَامُ كَثُرَتْ الْأَفْعَالُ الْمُنَافِيَةُ لِلصَّلَاةِ وَوَجَّهَ صَاحِبُ الطِّرَازِ هَذَا الْقَوْلَ بِأَنَّ لَمَّا كَانَتْ مُنَافِيَةً لِحَالِ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ مِنْ صِفَاتِ الْمُصَلِّينَ إلَّا تَرْكُ الْكَلَامِ فَقَطْ فَإِذَا انْخَرَمَ هَذَا الْوَصْفُ انْسَلَبَتْ عَنْهُ سَائِرُ صِفَاتِ الْمُصَلِّينَ وَخَرَجَ مِنْ حُكْمِ الصَّلَاةِ انْتَهَى وَحَكَى ابْنُ يُونُسَ ثَالِثًا عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ إنْ تَكَلَّمَ فِي ذَهَابِهِ أُبْطِلَ وَإِنْ تَكَلَّمَ فِي رُجُوعِهِ لِلصَّلَاةِ لَمْ تُبْطَلْ قَالَ