يَنْقَطِعَ بَوْلُهُ، وَلَوْ أَدَّى لِخُرُوجِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ وَالضَّرُورِيِّ وَلَا يُصَلِّيهَا مَعَ وُجُودِ الْبَوْلِ؛ لِأَنَّهُ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ مُنَافٍ لَهُ، وَكَذَلِكَ الشُّغْلُ بِالْأَخْبَثَيْنِ عَنْ فَرْضٍ فِي وُجُوبِ التَّأْخِيرِ، وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ الْمَذْكُورُ، وَلَا يُصَلِّي مَعَهَا فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهَا مُبْطِلَةٌ لِلصَّلَاةِ مُوجِبَةٌ لِإِعَادَتِهَا أَبَدًا، نَعَمْ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُشْغِلَةٍ عَنْ فَرْضٍ وَجَبَ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ، وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ وَاجِبٌ فَلَا يُتْرَكُ لِتَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ، هَذَا مَا ظَهَرَ مِنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ انْتَهَى. (قُلْتُ:) وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعُ) قَالَ فِي الطِّرَازِ إذَا قُلْنَا: إنَّ لَهَا وَقْتَيْنِ فَهَلْ تَشْتَرِكَ مَعَ الْعِشَاءِ أَوْ لَا؟ وَإِذَا قُلْنَا: بِالِاشْتِرَاكِ فَهَلْ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ بِقَدْرِ الْعِشَاءِ أَوْ بَعْدَهُ بِقَدْرِ الْمَغْرِبِ؟ وَهَلْ يُجْزِئُ تَقْدِيمُ الْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؟ وَهَلْ يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ إلَى مَا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؟ كُلُّ هَذَا يُخْتَلَفُ فِيهِ عَلَى قَضِيَّةٍ وَاخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَبِلَهُ فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي الِاشْتِرَاكِ وَعَدَمِهِ فَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَمِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمِ، وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ لَكِنْ لَيْسَ الْقَائِلُ بِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ هُوَ الْقَوْلُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِابْنِ حَبِيبٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَابْن الْمَوَّازِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَيَقُولَانِ إنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ مُتَّحِدٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِمَا الْقَوْلُ بِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ؛ لِأَنَّا إنَّمَا فَرَّعْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِامْتِدَادِ الْوَقْتِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الْخِلَافِ إذَا قُلْنَا بِالِاشْتِرَاكِ هَلْ هُوَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْمَغْرِبَ تُشَارِكُ الْعِشَاءَ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْهُ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَعَلَّ لَهُ قَوْلَيْنِ قَالَ: وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ بِمَاذَا يَقَعُ الِاشْتِرَاكُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الشَّفَقِ انْتَهَى.
(قُلْتُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ سَنَدٍ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْعِشَاءِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا هَلْ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ؟ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَأْثَمُ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
ص (وَلِلْعِشَاءِ مِنْ غُرُوبِ حُمْرَةِ الشَّفَقِ لِلثُّلُثِ الْأَوَّلِ)
ش: لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ وَقْتِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ شَرَعَ يُبَيِّنُ وَقْتَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَرَدَّ تَسْمِيَتَهَا بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ الظَّلَامِ وَالْعِشَاءُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَمْدُودًا أَوَّلُ الظَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ الْعِشَاءُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ هُوَ أَوَّلُ الظَّلَامِ وَذَلِكَ مِنْ الْمَغْرِبِ إلَى الْعَتَمَةِ وَالْعَشَاءُ بِفَتْحِهَا طَعَامُ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْعِشَاءَانِ الْمَغْرِبُ وَالْعَتَمَةُ انْتَهَى.
وَقَالَ الْجُزُولِيُّ كَانَ يَمُرُّ بِنَا فِي الْمَجَالِسِ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْعَشَى وَهُوَ ضَعْفُ الْبَصَرِ؛ لِأَنَّ الْبَصَرَ يَضْعُفُ حِينَئِذٍ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَجَاءَ اسْمُهَا فِي الْحَدِيثِ الْعَتَمَةُ بِقَوْلِهِ: «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا، وَلَوْ حَبْوًا» وَجَاءَ النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَتِهَا عَتَمَةً وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ عَتَمَةِ اللَّيْلِ وَهِيَ ثُلُثُهُ، وَأَصْلُهُ تَأْخِيرُهَا يُقَالُ: أَعْتَمَ الْقَوْمُ إذَا سَارُوا حِينَئِذٍ، وَالْعَتَمَةُ الْإِبْطَاءُ انْتَهَى. قَالَ فِي الصِّحَاحِ الْعَتَمَةُ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَتَمَةُ هُوَ الثُّلُثُ الْأَوَّلُ مِنْ اللَّيْلِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ، وَقَدْ عَتَمَ اللَّيْلُ يَعْتِمُ كَضَرَبَ يَضْرِبُ وَعَتَمَتُهُ ظَلَامُهُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْعَتَمَةُ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ وَتَنْتَهِي إلَى الثُّلُثِ الْأَوَّلِ وَأُطْلِقَتْ عَلَى صَلَاةِ الْعِشَاءِ لِأَنَّهَا تُوقَعُ فِيهَا انْتَهَى. وَالنَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَتِهَا عَتَمَةً هُوَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ: «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ إلَّا أَنَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ الْعِشَاءُ وَهُمْ يَعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ» بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ وَفِي رِوَايَةٍ بِحِلَابِ الْإِبِلِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ لِكَوْنِهِمْ يَعْتِمُونَ بِحِلَابِ الْإِبِلِ أَيْ يُؤَخِّرُونَهُ إلَى شِدَّةِ الظَّلَامِ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهَا بِالْعَتَمَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَالْعِشَاءُ أَحْسَنُ وَهُوَ قَوْلُ الرِّسَالَةِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا بِالْعَتَمَةِ قَالَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ أَكْرَهُ تَسْمِيَتَهَا بِالْعَتَمَةِ وَاسْتُحِبَّ تَعْلِيمُ