قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: الثَّانِي أَنْ يَشُكَّ فِي الْأَمْرِ فَيَتَيَمَّمَ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَتَيَمَّمَ مِنْ الْوَقْتِ فِي آخِرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ أَوَّلِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ رَجَاءَ إدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْمَاءِ مَا لَمْ يَخَفْ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَإِذَا خَافَ فَوَاتَهَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى لِئَلَّا تَفُوتَهُ الْفَضِيلَتَانِ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الطِّرَازِ: وَيَلْحَقُ بِهَذَا الْقِسْمِ الْخَائِفُ مِنْ لُصُوصٍ أَوْ سِبَاعٍ وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ فَفِي هَذَا الْقِسْمِ أَرْبَعَةٌ وَزَادَ بَعْضُهُمْ مَعَهُمْ الْمَسْجُونُ فَيَكُونُونَ خَمْسَةً.
ص (وَالرَّاجِي آخِرَهُ)
ش: قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: الثَّالِثُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْمَاءِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ، أَوْ يَغْلِبُ ذَلِكَ عَلَى ظَنِّهِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الْمَاءَ فِي آخِرِهِ؛ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْوَقْتِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَفَضِيلَةَ الْمَاءِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَفَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ يَجُوزُ تَرْكُهَا بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَفَضِيلَةَ الْمَاءِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا إلَّا لِضَرُورَةٍ، انْتَهَى.
فَفِي هَذَا الْقِسْمِ نَوْعَانِ أَيْضًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَمَعْنَى فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَيْ: فِي آخِرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ وَقْتٌ، انْتَهَى.
ص (وَفِيهَا تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ لِلشَّفَقِ)
ش: قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ: الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ مُمْتَدٌّ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ، انْتَهَى.
(قُلْتُ) سَيَأْتِي فِي بَابِ الْأَوْقَاتِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَمَرَهُ بِالتَّأْخِيرِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ لِقُوَّةِ الْقَوْلِ بِالِامْتِدَادِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مُفَرَّعَةً عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ بَلْ نَقُولُ إنَّهَا مُفَرَّعَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ كَالْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِ: الرَّاجِي يُؤَخِّرُ إلَى آخِرِ الْمُخْتَارِ فَيُقَالُ: إلَّا فِي الْمَغْرِبِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا.
ص (وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ وَإِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَتَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ لِيَدَيْهِ)
ش: ذَكَرَ مِنْ سُنَنِ التَّيَمُّمِ ثَلَاثَ سُنَنٍ: التَّرْتِيبُ وَلَا كَلَامَ فِي أَنَّهُ سُنَّةٌ وَكَوْنُهُ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَتَجْدِيدُ الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ لِيَدَيْهِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِتَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ وَغَيْرُهُ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيّ وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ سُنَّةٌ رَابِعَةٌ وَهِيَ نَفْضُ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا مِنْ الْغُبَارِ، فَإِنْ مَسَحَ بِهِمَا عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ بِهِمَا عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
(تَنْبِيهٌ) إنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: تَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ لِيَدَيْهِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الضَّرْبَةَ الْأُولَى يَمْسَحُ بِهَا الْوَجْهَ خَاصَّةً وَالثَّانِيَةَ يَمْسَحُ بِهَا الْيَدَيْنِ خَاصَّةً خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ يَمْسَحُ بِكُلِّ ضَرْبَةٍ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ اُنْظُرْ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانَ.
ص (وَنُدِبَ تَسْمِيَةٌ)
ش: وَرَدَ فِي الْمَدْخَلِ فِي فَضَائِلِ السِّوَاكِ وَالصَّمْتِ وَذِكْرِ اللَّهَ تَعَالَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ص (وَبَطَلَ بِمُبْطِلِ الْوُضُوءِ وَبِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا فِيهَا إلَّا نَاسِيَهُ)
ش: يَعْنِي أَنَّ التَّيَمُّمَ يُبْطِلُهُ مَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ